الْخِلَافِ، فَالْحَنَفِيَّةُ يُقَدِّرُونَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ لَهُ حَالَتَانِ، لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَامًّا فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ عَامًّا أَيْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا، فَيَكُونُ خَاصًّا وَهَذِهِ الْحَالَةُ عِنْدَهُمْ تُشَارِكُ الثَّانِيَةُ الْأُولَى فِي جَمِيعِ مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهَذِهِ، طَلُقَتْ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: هَذِهِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَهَذِهِ طَالِقٌ، فَلَا يُطَلِّقُ إلَّا وَاحِدَةً لِاسْتِقْلَالِهَا، وَوَافَقَهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَالْتَزَمَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ لَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأُصُولِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: ضَرَبْت زَيْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَمْرًا، يَتَقَيَّدُ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عَطْفَ الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْكَامِلَةِ يَقْتَضِي مُشَارَكَتَهُمَا فِي أَصْلِ الْحُكْمِ وَتَفَاصِيلِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ ابْنِ عُصْفُورٍ مِنْ النَّحْوِيِّينَ. وَأَمَّا أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَتَقَيَّدُ أَيْضًا بِالشَّرْطِ، وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَى الشَّرْطِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَالُوا فِيمَا إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَنَحْوَهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ مُفَسِّرًا لِلْأَلْفِ، بَلْ لَهُ تَفْسِيرُهَا بِمَا شَاءَ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ. إنْ كَانَ الْمَعْطُوفُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا فُسِّرَتْ الْأَلْفُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ بَقِيَ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ عَلَى إبْهَامِهِ.
وَلَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، وَأَنْتِ يَا أُمَّ أَوْلَادِي. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ قَبْلَ النِّكَاحِ لَغْوٌ، وَقَدْ رَتَّبَ طَلَاقَهَا عَلَيْهِ فَيَلْغُو، حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: نِسَاءُ الْعَالَمِينَ طَوَالِقُ، وَأَنْتِ يَا فَاطِمَةُ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ عَطَفَ طَلَاقَهَا عَلَى طَلَاقِ نِسْوَةٍ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُنَّ، وَقَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ إذَا عَطَفَ الطَّلَاقَ عَلَى طَلَاقٍ نَافِذٍ يَقَعُ
الثَّالِثَةَ: أَنْ يَشْكُلَ الْحَالُ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَى الْإِضْمَارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute