الْمُعْتَمَدِ " كَذَا رَأَيْته فِيهِ، وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ "، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ "، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْهُ أَنَّهُ يُخَصَّصُ، وَهُوَ وَهْمٌ. قُلْت: وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي " الْأُمِّ " وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصًّا صَرِيحًا، لَكِنْ وَقَعَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي الْأَمْرَيْنِ، فَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَخْصِيصٌ فَمَوَاضِعُ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ فِي " الْأُمِّ " فِي قَوْله تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] : إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ الزَّرْعُ، لَا النَّخْلُ وَالزَّيْتُونُ، لِأَنَّ الْحَصَادَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الزَّرْعِ، فَلَمْ يُوجِبْ الزَّكَاةَ إلَّا فِي الزَّرْعِ، وَحَمَلَ الْإِتَاءُ الْعَامَّ عَلَيْهِ، لِأَجْلِ الضَّمِيرِ الْمُخَصِّصِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: ٤١] : إنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ عَامًّا لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ، إلَّا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُرِّ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [التوبة: ٤١] وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] . لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا لَكِنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُرِّ، لِأَجْلِ قَوْلِهِ: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٩] وَالْعَبْدُ لَا يُعْطِي شَيْئًا.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا تَحِلُّ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ بِقَوْلِهِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣] وَقَالَ: هَذَا خَاصٌّ بِالْحُرِّ، لِقَوْلِهِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute