يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالرَّجْعِيِّ.
وَمِثَالُ رُجُوعِ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] ، فَهَذَا عَامٌّ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ الْمَدْخُولِ بِهَا، ثُمَّ قَوْلُهُ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْبَائِنِ. وقَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ٩٤] ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ قَالَ: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: ٩٤] وَهِيَ خَاصَّةٌ بِالْمُشْرِكِينَ.
وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَدَرَكَ الْخِلَافِ أَنَّ التَّخْصِيصَ: هَلْ يَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْمُضْمَرَةِ، كَمَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْمُظْهَرَةِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّخْصِيصُ الْمُتَّصِلُ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى: {مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: ٦٦] {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ} [البقرة: ٢٤٩] فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى الدُّخُولِ، وَتَوَهَّمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الضَّمَائِرِ، لِأَنَّ الْمُضْمَرَ لَا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ عَلَى جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ. وَإِنَّمَا يَعُودُ إلَى الْمَذْكُورِ أَوْ الْمَعْلُومِ، فَيَقِلُّ بِقِلَّتِهِ، وَيَكْثُرُ بِكَثْرَتِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى دُخُولِ التَّخْصِيصِ عَلَيْهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَعُودَ إلَى مَا قَبْلَهُ، فَإِذَا عَادَ إلَى بَعْضِ مَا قَبْلَهُ فَقَدْ خُصَّ بِبَعْضِ مَعْنَاهُ. انْتَهَى.
وَجَعَلَ الصَّيْرَفِيُّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] إلَى قَوْلِهِ {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] فَأَطْلَقَ تَعَالَى الِاسْمَ عَلَى مَنْ طَلُقَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. وَأَوْجَبَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ مِنْ كُلِّ مُطْلَقٍ، ثُمَّ قَالَ: {إِلا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] فَلَوْ كَانَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إلَى الْكُلِّ لَجَازَ أَنْ تَعْفُوَ غَيْرُ الْبَالِغَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نِصْفُ الصَّدَاقِ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الزَّوْجِ الَّذِي لَهُ الْعَفْوُ لِامْرَآتِهِ، أَوْ لِامْرَآتِهِ عَلَيْهِ، لَكَانَ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ الْعَفْوُ لَا نِصْفَ لَهُ مِنْ الصَّدَاقِ. وَإِذَا بَطَلَ هَذَا عُلِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute