للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي أَمْرٍ وَاجِبٍ عَلَى التَّرَاخِي عِنْدَ مَنْ أَجَازَ تَأْخِيرَ بَيَانِ الْعَامِّ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فِي أَمْرٍ عَلَى الْفَوْرِ.

قُلْت: وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ حَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَبَالَغَ فِي تَصْحِيحِ الْعَمَلِ بِهِ مَعَ الْإِبْهَامِ، وَاعْتَلَّ بِأَنَّا إذَا نَظَرْنَا إلَى فَرْدٍ شَكَكْنَا فِيهِ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُخَرَّجِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، وَيُعْمَلُ بِهِ إلَى أَنْ يُعْلَمَ بِالْقَرِينَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ الْمُخَصِّصَ مُعَارِضٌ لِلَّفْظِ الْعَامِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُعَارِضًا عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ. انْتَهَى.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْإِضْرَابِ عَنْ الْمُخَصِّصِ، وَالْعَمَلُ بِالْعَامِّ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.

وَقَدْ رَدَّ الْهِنْدِيُّ هَذَا الْبَحْثَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي الْكُلِّ الْمَخْصُوصِ وَغَيْرِهِ، وَلَا قَائِلَ بِهِ انْتَهَى.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَقَدْ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ صَاحِبُ " اللُّبَابِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَخْصُوصُ مَجْهُولًا لَمْ يَثْبُتْ بِهِ الْخُصُوصُ أَصْلًا، بَلْ يَبْقَى النَّصُّ عَامًّا كَمَا كَانَ. كَذَا حَكَاهُ أَبُو زَيْدٍ فِي " التَّقْوِيمِ ".

وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ. فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: الْخِطَابُ إذَا عُلِمَ خُصُوصُهُ، وَلَمْ يُعْلَمْ مِمَّا يَخُصُّهُ كَيْفَ يُعْمَلُ بِهِ؟ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى إحَالَةِ هَذَا. وَقَالَ: إنَّ الْبَيَانَ لَا يَتَأَخَّرُ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِهِ إنْ أَجَزْنَاهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَيُعْتَقَدُ فِيهِ الْعُمُومُ إلَّا مَوْضِعًا خُصَّ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْعُمُومُ أَمْضَاهُ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ خُصُوصٌ لَخَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَهُ، لِأَنَّ الْبَيَانَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>