لِلْعَمَلِ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْعِلْمَ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " عَنْ أَصْحَابِهِمْ وَالشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَنُقِلَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَاهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْغَزَالِيُّ عَنْ الْقَدَرِيَّةِ، قَالَ: ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَبْقَى أَقَلُّ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. قَالَ: وَكَلَامُ الْوَاقِفِيَّةِ فِي الْعُمُومِ الْمَخْصُوصِ أَظْهَرُ لَا مَحَالَةَ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ يَصِيرُ مُجْمَلًا، وَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَا إذَا كَانَ الْمُخَصَّصُ مَجْهُولًا، هَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَإِلْكِيَا، قَالَ: وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ اللَّفْظَ مَوْضِعٌ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِقَرِينَةٍ، وَمِقْدَارُ التَّأْثِيرِ لِلْقَرِينَةِ فِي اللَّفْظِ مَجْهُولٌ، فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مَجْهُولًا.
قَالَ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ جِدًّا، وَغَايَةُ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ عَلِمُوا بِمَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّخْصِيصُ مِنْ الْعُمُومِ. وَلَهُ أَنْ يُجِيبَ بِأَنَّهُمْ نَقَلُوهُ مِنْ الْقَرَائِنِ الَّتِي شَاهَدُوهَا وَأَلِفُوهَا، وَكَانُوا بِمَرْأَى مِنْ الرَّسُولِ، وَمَسْمَعٍ مِنْ الْوَحْي.
الثَّانِي: أَنَّ صِيغَةَ الْعُمُومِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي الِاسْتِغْرَاقِ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْخُصُوصِ، وَإِجْرَاءِ اللَّفْظِ عَلَى غَالِبِ الْمُسَمَّيَاتِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ تَخْطُرُ بِالْبَالِ. نَعَمْ، إنْ كَانَ مَضْمُونُ التَّخْصِيصِ اسْتِثْنَاءَ مَا لَا يَشِذُّ عَنْ الذِّهْنِ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ، فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ، ثُمَّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِهِ بِأَنَّهُ إسْقَاطُ أَمْرِ اللَّفْظِ الْعَامِّ وَالْمُمْكِنِ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي ظَهَرَ مِنْ الْقَرِينَةِ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِهِ، وَلَا يُقَدَّرُ وَرَاءَهُ قَرِينَةٌ هِيَ غَائِبَةٌ عَنَّا فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْعُمُومِ الَّذِي لَمْ يَتَنَاوَلْهُ تَخْصِيصٌ إجْمَاعًا لِإِمْكَانِ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى سُؤَالٍ، وَقَرِينَةِ حَالٍ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute