للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى دَلَالَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُون بِمَنْزِلَةِ اللَّفْظِ، وَكَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ بِاللَّفْظِ وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ مِنْ غَيْرِ اللَّفْظِ، فَيَقُولُ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ بَقَاءِ اللَّفْظِ فِيمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَجْعَلُ اللَّفْظَ مَجَازًا فَكَانَ يَقُولُ: هَذَا بَدِيهِيٌّ، وَلَا أَقْدِرُ أَعْزِيهِ إلَى أَصْحَابِنَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ التَّخْصِيصَ إنْ لَمْ يَمْنَعْ اسْتِفَادَةَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ وَتَعْلِيقِهِ بِظَاهِرِهِ، جَازَ التَّعْلِيقُ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ، لِأَنَّ قِيَامَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ قَتْلِ أَهْلَ الذِّمَّةِ، لَا يَمْنَعُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْقَتْلُ بِاسْمِ الْمُشْرِكِينَ، وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ الْعَامِّ، وَيُوجِبُ تَعَلُّقَهُ بِشَرْطِ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ الظَّاهِرُ لَمْ يَجُزْ التَّعَلُّقُ بِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] لِأَنَّ قِيَامَ الدَّلَالَةِ عَلَى اعْتِبَارِ النِّصَابِ وَالْحِرْزِ، وَكَوْنِ الْمَسْرُوقِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِلسَّارِقِ يَمْنَعُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ، وَهُوَ الْقَطْعُ بِعُمُومِ اسْمِ السَّارِقِ، وَيُوجِبُ تَعَلُّقَهُ بِشَرْطٍ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ تِلْمِيذِ الْكَرْخِيِّ.

وَالْخَامِسُ: إنْ كَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْبَيَانِ كَالْمُشْرِكِينَ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِلَّا فَلَا، كَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، فَيَتَوَقَّفُ الْعَمَلُ عَلَى بَيَانِ التَّخْصِيصِ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْحَائِضِ، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْجَبَّارِ.

وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ الْمُتَعَيِّنُ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ. حَكَاهُ الْقَاضِي، وَالْغَزَالِيُّ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَقَالَ: إنَّهُ تَحَكُّمٌ وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: لَعَلَّهُ قَوْلُ مَنْ لَا يُجَوِّزُ التَّخْصِيصَ إلَيْهِ، وَحُكِيَ فِي " الْمَنْخُولِ " عَنْ أَبِي هَاشِمٍ أَنَّهُ يَتَمَسَّكُ بِهِ فِي وَاحِدٍ، وَلَا يَتَمَسَّكُ بِهِ جَمْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>