بِالْمُنْفَصِلِ، نَحْوُ: إلَّا حِمَارًا، وَأَفْسَدَ تَعْرِيفَ الْمُتَّصِلِ بِقَوْلِنَا: مَا جَاءَنِي أَحَدٌ إلَّا زَيْدٌ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ أَحَدٍ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ؛ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُتَّصِلُ مَا كَانَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ مِنْهُ يَتَنَاوَلُ الثَّانِيَ، نَحْوُ: جَاءَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا، وَالْمُنْقَطِعُ مَا لَا يَتَنَاوَلُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فِيهِ الثَّانِيَ، أَوْ نَقُولُ: الْمُتَّصِلُ مَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى جُزْءًا مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَالْمُنْقَطِعُ مَا لَا يَكُونُ.
قَالَ ابْنُ سِرَاجٍ: وَلَا بُدَّ فِي الْمُنْقَطِعِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَ " إلَّا " قَدْ دَلَّ عَلَى مَا يُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، وَأَوْضَحَهُ ابْنُ مَالِكٍ، فَقَالَ: لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِ الدُّخُولِ فِي الْأَوَّلِ، كَقَوْلِك: قَامَ الْقَوْمُ إلَّا حِمَارًا، فَإِنَّهُ بِذِكْرِ الْقَوْمِ يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ لِأَتْبَاعِهِمْ الْمَأْلُوفَاتِ، فَذَكَرَ إلَّا حِمَارًا لِذَلِكَ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى تَقْدِيرًا، وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَلَكِنْ بِشَرْطٍ، وَهُوَ أَنْ يُتَوَهَّمَ دُخُولُهُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِوَجْهٍ مَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، كَقَوْلِهِ:
وَبَلْدَةٌ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ
فَالْيَعَافِيرُ قَدْ تُؤَانِسُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِهَا مَنْ يُؤْنَسُ بِهِ إلَّا هَذَا النَّوْعُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُنْقَطِعَ يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ مِقْدَارٍ، أَوْ مِنْ مَفْهُومِ لَفْظٍ لَا مِنْ مَنْطُوقِهِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ غَالِبًا إذَا تَشَارَكَ الْجِنْسَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute