فِي مَعْنًى أَعَمَّ، كَمَا فِي السَّلَامِ وَاللَّغْوِ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِي أَصْلِ الْقَوْلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا - إِلا قِيلا سَلامًا} [الواقعة: ٢٥ - ٢٦] ، وَقَوْلِهِ: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرُّجْحَانِ.
ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاطِنَ:
الْأَوَّلُ: فِي أَنَّهُ هَلْ وَقَعَ فِي اللُّغَةِ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ، وَتَأَوَّلَهُ تَأَوُّلًا رَدَّهُ بِهِ إلَى الْجِنْسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى.
الثَّانِي: أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَهُ فِي الْقُرْآنِ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: لَا يُنْكِرُ وُقُوعَهُ فِي الْقُرْآنِ إلَّا أَعْجَمِيٌّ.
الثَّالِثُ: اخْتَلَفَ فِي صِحَّتِهِ فِي الْمُخَاطَبَاتِ فِي الْعَادَاتِ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ أَصْحَابِنَا فِيهِ. فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى جَوَازِهِ وَأَبَى ذَلِكَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا، فَأَمَّا مَنْ جَوَّزَهُ فَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا عَبْدًا قُبِلَ مِنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] {إِلا إِبْلِيسَ} [الحجر: ٣١] وَدَلِيلُنَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ شَرْطُهُ أَنْ يُخْرِجَ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ الِاسْمِ، غَيْرَ الْجِنْسِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ إبْلِيسَ دَخَلَ تَحْتَ الْأَمْرِ، فَرَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ أُضْمِرَ فِيهِ. وَتَأَوَّلَ قَوْمٌ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّمَا قُبِلَ ثَمَّةَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى بَيَانِهِ، لِأَنَّهُ اقْتَضَى الْإِطْلَاقَ، وَالْمَعْنَى إلَّا مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ قَالَ: وَتَمَسَّكَ الْمُجَوِّزُ بِقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute