الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّالِثِ مُرَادَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا هُوَ لِتَغَيُّرِ النِّسْبَةِ لَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْمُرَادِ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ هُوَ تَخْصِيصٌ أَمْ لَا؟ فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَيْسَ تَخْصِيصًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ تَخْصِيصٌ قَطْعًا، وَعَلَى الثَّالِثِ يُحْتَمَلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ خَاصٌّ لِعَدِّهِمْ إيَّاهُ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمُتَّصِلِ وَتَطَرُّقِهِ إلَى النُّصُوصِ. قِيلَ: لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ شَرْطُهُ الْإِرَادَةُ وَالْمُقَارَنَةُ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ إلَّا فِي قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ.
وَقَالَ الْهِنْدِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ السَّيْفِيَّةِ " الْجَمْعُ بَيْنَ احْتِمَالِ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ تَخْصِيصًا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ مَعَ أَنَّ الْأَفْرَادَ مُرَادَةٌ بِكَمَالِهَا فِيهِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُمْ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَخْصُوصَ غَيْرُ مُرَادٍ مِنْ الَّذِي خَصَّ عَنْهُ وُجُودَ التَّنَاوُلِ، فَإِنْ قُلْت: يُخَصُّ قَوْلُهُمْ ذَلِكَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ النُّصُوصِ.
قُلْت: الَّذِي قَالَ بِالْمَذْهَبِ الثَّالِثِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ. أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَلْفَاظِ الْعَدَدِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي تَقْدِيرِ دَلَالَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقٌ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبُ مُخَالِفًا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْفَرْدَ الْمَخْصُوصَ مِنْ الْعَامِّ لَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ وَقَالَ. الْمَازِرِيُّ أَصْلُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْعَدَدِ هَلْ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ كَقَرِينَةٍ غَيَّرَتْ وَضْعَ الصِّيغَةِ، أَوْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَإِنَّمَا كَشَفَتْ عَنْ الْمُرَادِ بِهَا؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ كَالنُّصُوصِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ سِوَى مَا يُفْهَمُ مِنْهَا قَالَ بِالْأَوَّلِ، وَيُنَزَّلُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَدٍ مَا، وَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لِمَجْمُوعِ الدَّالِّ عَلَى الْعَدَدِ الْمُبْقَى.
وَمَنْ رَأَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ لَيْسَتْ نَصًّا فَإِنَّ الْعَشَرَةَ رُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي عَشَرَةٍ نَاقِصَةٍ، رَأَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ دَلَّتْ عَلَى الْمُرَادِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute