للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي " شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ: إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ أَيْضًا، لِأَنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَشَرَةِ يُعَبِّرُ بِهَا عَنْ مَدْلُولِهَا، وَهُوَ خَمْسَتَانِ، وَبِإِلَّا عَنْ مَعْنَى الْإِخْرَاجِ، وَبِالْوَاحِدِ أَنَّهُ مُخَرَّجٌ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا، لَمْ يَسْتَقِمْ فَهْمُ هَذِهِ الْمَعَانِي مِنْهَا، كَمَا لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ بَعْضِ حُرُوفِ التِّسْعَةِ عِنْدَ إطْلَاقِهَا عَلَى مَدْلُولِهَا مَعْنًى آخَرُ.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُصَادَرَةٌ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْعَشَرَةِ خَمْسَتَانِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الدِّرْهَمِ مِنْهَا، بَلْ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةٌ لَا غَيْرُ، وَلَا " بِإِلَّا " مَعْنَى الْإِخْرَاجِ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لُغَةً: الصَّرْفُ وَالرَّدُّ. وَقَوْلُهُ: كَمَا لَا يَسْتَقِيمُ لَيْسَ بِنَظِيرِ مَا نَحْنُ فِيهِ، إذْ عَدَمُ فَهْمِ مَا ذُكِرَ لِعَدَمِ الْوَضْعِ وَالِاسْتِعْمَالِ فِي غَيْرِهَا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا ذُكِرَ لُغَةً وَعُرْفًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَصْدَ الْبَاجِيِّ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّخْصِيصِ بِدَلِيلٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ، فَإِنْ كَانَ بِدَلِيلٍ مُتَّصِلٍ فَمِنْ الْبَاقِي حَقِيقَةً، أَوْ مُنْفَصِلٍ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مَجَازٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ: إنَّ الْكَلَامَ بِجُمْلَتِهِ يَصِيرُ عِبَارَةً عَنْ أَمْرٍ آخَرَ.

وَالثَّالِثُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُرَادٌ بِتَمَامِهِ، ثُمَّ أُخْرِجَ الْمُسْتَثْنَى، ثُمَّ حُكِمَ بِالْإِسْنَادِ بَعْدَهُ تَقْدِيرًا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ ذِكْرًا، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِك: عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، عَشَرَةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ ثُمَّ أُخْرِجَتْ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ أُسْنِدَ إلَى الْبَاقِي تَقْدِيرًا، فَالْمُرَادُ بِالْإِسْنَادِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، وَرَجَّحَهُ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلِذَلِكَ لَا يَحْكُمُ عَالِمٌ بِلُغَةِ الْعَرَبِ بِالْإِسْنَادِ قَبْلَ تَمَامِهِ لِتَوَقُّعِ التَّغْيِيرِ قَبْلَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ كَوْنِهِ إنْكَارًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَتَنَاقَضَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلِ، أَنَّ الْأَفْرَادَ بِكَمَالِهَا غَيْرُ مُرَادَةٍ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>