جَمِيعًا أَتَيَاهُ. فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، تَطْلُقُ طَلْقَةً. وَإِذَا قَالَ: ثَلَاثَةً إلَّا طَلْقَةً إلَّا طَلْقَتَيْنِ. تَطْلُقُ ثَلَاثًا، كَقَوْلِهِ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا.
وَحُكِيَ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا أَرْبَعَةً أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ مَنْفِيًّا، كَأَنَّهُ قَالَ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً، بَقِيَتْ سَبْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ: إلَّا أَرْبَعَةً، فَيُضَافُ إلَى السَّبْعَةِ. فَيَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ، فَعَلَى هَذَا وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ مَعَ الثَّلَاثِ، لِأَنَّا إذَا أَضَفْنَا الِاثْنَيْنِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ صَارَ أَرْبَعًا، ثُمَّ بَقِيَتْ الثَّلَاثُ. انْتَهَى.
وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْفَرَّاءِ، حَكَاهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا أَرْبَعَةً، تَكُونُ الثَّلَاثَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْعَشَرَةِ، فَيَبْقَى سَبْعَةٌ. وَيُزَالُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ، فَيَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ ثَلَاثَةً، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فِيمَا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا خَمْسَةً، لُزُومُ عَشَرَةٍ، لِأَنَّ الثَّانِيَ مُسْتَغْرِقٌ لِلْأَوَّلِ فَيُلْغِيهِ. وَذُكِرَ فِيهِ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا ثَلَاثَةً أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ تَوْكِيدًا، وَحَكَى فِيهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ: أَحَدُهُمَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ. أَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلُ مُسْتَغْرِقًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّهُ مِنْ بَاطِلٍ، يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةٌ، وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءَانِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَهَذَا أَقْيَسُ.
وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ.
قُلْت: وَالثَّانِي هُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ الطَّلَاقِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ أَنَّهُ يَقَعُ اثْنَتَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute