هَاهُنَا احْتَاطَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت جَوَابَهُ.
السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْمُولُ وَاحِدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] الْآيَةَ فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ وَاحِدًا وَالْمَعْمُولُ مُتَعَدِّدًا، فَلَا خِلَافَ فِي عَوْدِهِ إلَى الْجَمِيعِ، كَقَوْلِهِ: اُهْجُرْ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ إلَّا مَنْ صَلُحَ. فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجَمِيعِ، إذًا لَا مُوجِبَ لِلِاخْتِصَاصِ، وَلَوْ ثَبَتَ مُوجِبُ فِعْلٍ بِمُقْتَضَاهُ، نَحْوُ لَا تُحَدِّثْ النِّسَاءَ وَلَا الرِّجَالَ إلَّا زَيْدًا وَقَدْ تَضَمَّنَتْ الْأَمْرَيْنِ آيَةُ الْمَائِدَةِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] فَاشْتَمَلَتْ عَلَى مَا فِيهِ مَانِعٌ، وَهُوَ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: ٣] وَ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْخَمْسَةِ، إذْ كَانَتْ تَذْكِيَتُهُ سَبَبَ مَوْتِهِ.
قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَعَلُّقِ الشَّرْطِ بِالْجَمِيعِ فِي نَحْوِ: لَا تَصْحَبْ زَيْدًا، وَلَا تَزْنِ، وَلَا تُكَلِّمْ، إلَّا تَائِبًا مِنْ الظُّلْمِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ تَسَاوِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ فِي التَّعَلُّقِ بِالْجَمِيعِ. وَهُوَ صَحِيحٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى سَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مَسَدَّ الْآخَرِ، نَحْوُ اُقْتُلْ الْكَافِرَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَاقْتُلْهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. انْتَهَى.
الثَّامِنُ: أَنْ يَتَّحِدَ الْعَامِلُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ خُصَّ بِالْأَخِيرَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ، وَنَحْوُ اُكْسُوا الْفُقَرَاءَ، وَأَطْعِمُوا أَبْنَاءَ السَّبِيلِ، إلَّا مَنْ كَانَ مُبْتَدِعًا، وَصَرَّحَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ بِأَنَّ الشَّرْطَ اتِّحَادُ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ. قَالَ: فَإِنْ اخْتَلَفَا اخْتَصَّ بِمَا يَلِيهِ، وَنَحْوُ ضَرَبَ الْأَمِيرُ زَيْدًا وَخَرَجَ إلَى السَّفَرِ، وَخَلَعَ عَلَيَّ فُلَانٌ. قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَبِهِ يَتَهَذَّبُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ اتِّحَادُهُ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، فَإِنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ جَعَلَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ: وَقَفْت، وَحَبَسْت، وَتَصَدَّقْت، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي الصِّفَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute