وَمِمَّا يُحَقِّقُ أَنَّ الشَّيْءَ مُخْتَصٌّ بِالْمَوْجُودَاتِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ شَاءَ يَشَاءُ إذَا قُصِدَ، فَكَأَنَّ الشَّيْءَ هُوَ الْمَقْصُودُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ الْمَوْجُودُ، لَا الْمَعْدُومُ وَالْمُسْتَحِيلُ. وَأَيْضًا فَإِطْلَاقُ الشَّيْءِ عَلَى الذَّاتِ الْكَرِيمَةِ فِيهِ خِلَافٌ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُشْكَلِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، لَا يُشَاكِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ. وَقِيلَ: بَلْ يُسَمَّى شَيْئًا بِمَعْنَى الشَّائِي، وَالْمَخْلُوقَاتُ تُسَمَّى شَيْئًا بِمَعْنَى الْمُشَاءِ، فَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ. فَيَكُونُ مُشْتَرِكًا.
الثَّانِي: مِنْ حُكْمِ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَنْ لَا يُخَصَّصَ إلَّا بِالْقَضَايَا الْعَقْلِيَّةِ، وَمِنْ حُكْمِ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ أَنْ لَا يُخَصَّصَ إلَّا بِالْقَضَايَا السَّمْعِيَّةِ. وَالدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إخْرَاجُ أَمْرٍ خَاصٍّ مِنْ خِطَابٍ عَامٍّ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ، وَالدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَقَدِّمًا، بِخِلَافِ السَّمْعِيِّ. ذَكَرَهُ الْعَبْدَرِيّ فِي " شَرْحِ الْمُسْتَصْفَى ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute