أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فِيمَا عَدَا الْمَخْصُوصَ، لِأَنَّهُ أَجَازَ تَخْصِيصَ الْبَاقِي مَعَ ذَلِكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ مِمَّا سَوَّغَ الِاجْتِهَادَ فِي تَرْكِ حُكْمِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا، أَمَّا إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي إثْبَاتِ الْمُرَادِ بِهِ. انْتَهَى.
وَنَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ عِيسَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ عُمُومُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ بِالْإِجْمَاعِ فَيُزَادُ فِي تَخْصِيصِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. قَالَ: وَقَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مُجْمَلَةً، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِهَا، قُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي تَفْسِيرِهَا وَتَخْصِيصِهَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ الْعَامَّ إذَا خُصَّ مِنْهُ شَيْءٌ بِدَلِيلٍ مُقَارِنٍ جَازَ تَخْصِيصُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَرَاخِيًا، وَأَمَّا الْعَامُّ الَّذِي لَمْ يُخَصَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ ابْتِدَاءً بِدَلِيلٍ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ، وَعَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ مُتَرَاخِيًا ابْتِدَاءً، كَمَا يَجُوزُ مُتَّصِلًا
قَالَ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْمُتَأَخِّرِ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ لَا يَكُونُ بَيَانًا؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَامِّ بَعْضُهُ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّخْصِيصِ؛ بَلْ يَكُونُ نَاسِخًا لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ حُكْمِ الْعَامِّ؛ بَلْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ مُقْتَصِرًا عَلَى الْحَالِ.
الرَّابِعُ: إنْ كَانَ التَّخْصِيصُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِمُتَّصِلٍ فَلَا، قَالَهُ الْكَرْخِيّ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِمُنْفَصِلٍ يُصَيِّرُهُ مَجَازًا عَلَى مَذْهَبِهِ، فَتَضْعُفُ دَلَالَتُهُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَمَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ، فَإِنْ قُلْنَا: ظَنِّيَّةٌ جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute