للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي وَإِنَّمَا حُكِيَ عَنْهُ تَجْوِيزُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ الَّذِي أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهِ، أَوْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ، لِأَنَّهُ بِالتَّخْصِيصِ حِينَئِذٍ مُجْمَلًا وَمَجَازًا، فَيَجُوزُ لِذَلِكَ إعْمَالُ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي تَخْصِيصِ أَشْيَاءَ أُخَرَ مِنْهُ.

وَنَحْوُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ كَانَتْ الْآيَةُ الْعَامَّةُ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ جَازَ تَخْصِيصُهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِالتَّخْصِيصِ كَالْمُجْمَلَةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْبَيَانِ وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ.

وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": فَأَمَّا قَوْلُ عِيسَى بْنِ أَبَانَ وَالْكَرْخِيِّ فَيُبْنَيَانِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ عِنْدَ عِيسَى مَجَازٌ، وَالْمَخْصُوصَ بِالدَّلِيلِ الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ مَجَازٌ، وَإِذَا صَارَ مَجَازًا صَارَتْ دَلَالَتُهُ مَظْنُونَةً، وَمَتْنُهُ مَقْطُوعًا، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مَتْنُهُ مَظْنُونٌ وَدَلَالَتُهُ مَقْطُوعَةٌ، فَيَحْصُلُ التَّعَادُلُ. فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْعُمُومِ، فَيَكُونُ قَاطِعًا فِي مَتْنِهِ وَدَلَالَتِهِ، فَلَا يُرَجَّحُ عَلَيْهِ الْمَظْنُونُ.

وَهَذَا الْمَأْخَذُ الَّذِي ذَكَرُوهُ تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي أُصُولِهِ، فَقَالَ: إنْ لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ، لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ ثَبَتَ وَاحْتَمَلَ اللَّفْظُ مَعَانِيَ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهَا، وَكَانَ اللَّفْظُ يَفْتَقِرُ عَلَى الْبَيَانِ جَازَ تَخْصِيصُهُ، وَتَبْيِينُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.

قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُهُمْ وَمَسَائِلُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِكَلَامِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ، وَذَكَرَهُ. قَالَ: فَنَصَّ عِيسَى عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ لَا يُخَصُّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْعَامَّ إذَا خُصَّ سَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ فِيمَا عَدَا الْمَخْصُوصَ عَلَى مَا كَانَ يَذْهَبُ إلَيْهِ الْكَرْخِيّ؛ وَيُحْتَمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>