للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: قِيَاسُ الْأَصْلِ وَقِيَاسُ الْعِلَّةِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِهِمَا سَائِغٌ جَائِزٌ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ، وَمَنَعَهُ دَاوُد؛ وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّبَهِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْمُرَادِ بِالتَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ أَنَّ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْعُمُومِ فِي اللَّفْظِ بَيْنَ الْقِيَاسِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي اللَّفْظِ، لَا أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْمُرَادِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْقِيَاسِ.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَبُو مَنْصُورٍ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَفِيِّ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ جَوَازُهُ أَيْضًا. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْخَفِيِّ فِي مَوَاضِعَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْجَلِيِّ وَهُوَ الَّذِي قَضَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ. وَقِيلَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَعْنَى، وَالْخَفِيُّ قِيَاسٌ وَقِيلَ: مَا تَتَبَادَرُ عِلَّتُهُ إلَى الْفَهْمِ مِثْلُ: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» .

السَّادِسُ: إنْ تَفَاوَتَ الْقِيَاسُ وَالْعَامُّ فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ رُجِّحَ الْأَقْوَى، فَيَرْجِعُ الْعَامُّ بِظُهُورِ قَصْدِ التَّعْمِيمِ فِيهِ وَيَكُون الْقِيَاسُ الْعَارِضُ لَهُ قِيَاسَ شَبَهٍ، وَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ بِالْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ تَعَادَلَا فَالْوَقْفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْعُنْوَانِ " وَاعْتَرَفَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ حَقٌّ، وَكَذَا قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ شَارِحُ الْمَحْصُولِ " وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>