بِالْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ وَأَمَّا مَنْ يُجَوِّزُ ذَلِكَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجَوِّزَ ذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّعْفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَوِّزَ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا فِي الْقِيَاسِ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ، إذْ قَدْ يَكُونُ قِيَاسُهُ أَقْوَى مِنْ عُمُومِ الْكِتَابِ، بِأَنْ يَكُونَ قَدْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ تَخْصِيصَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِيهِ لِتَعَادُلِهِمَا إذْ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ ذَلِكَ
الثَّانِي: مَثَّلَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ لِلتَّخْصِيصِ بِالْقِيَاسِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] ، وَقَوْلِهِ فِي الْإِمَاءِ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي عُمُومِ مَنْ أُمِرَ بِجَلْدِهَا مِائَةً مِنْ النِّسَاءِ، ثُمَّ قِيسَ الْعَبْدُ عَلَى الْأَمَةِ، فَجُعِلَ حَدُّهُ خَمْسِينَ جَلْدَةً. فَكَانَتْ الْأَمَةُ مَخْصُوصَةً، وَالْعَبْدُ مَخْصُوصًا مِنْ جُمْلَةِ قَوْلِهِ: {وَالزَّانِي} [النور: ٢] بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَةِ قَالَ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: ٣٦] إلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٢٨] فَاحْتَمَلَتْ إبَاحَةَ الْأَكْلِ فِي جَمِيعِ الْهَدْيِ، وَاحْتَمَلَ فِي الْبَعْضِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَدْيَ جَزَاءِ الصَّيْدِ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ؛ فَكَانَ هَذَا مَخْصُوصًا بِالْإِجْمَاعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَدْيِ الْمُتْعَةِ، فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ. وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، فَكَانَ الْوَجْهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ وَاجِبٌ، كَوُجُوبِ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَوُجُوبِ مَا يَنْذُرُ الْمَرْءُ إخْرَاجَهُ مِنْ مَالِهِ، فَقِيسَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ الْوُجُوبُ وَكَانَ جَزَاءُ الصَّيْدِ خَارِجًا مِنْ الْعُمُومِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ مَخْصُوصٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute