الْخَاصِّ «كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك» وَتَرْخِيصُهُ فِي السَّلِمِ " وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْعَمَلِ بِمُوجِبِ أَحَدِهِمَا وَيُسْقِطُوا الْآخَرَ فَيَجِبُ حَمْلُ مَا أَسْقَطُوا عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِمَا عَمِلُوا بِهِ. وَيَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَيَعْمَلُ بَعْضُهُمْ بِأَحَدِهِمَا، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُخَالِفُهُ، فَالْعَمَلُ عَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ إذَا وَرَدَا، وَتَجَرَّدَا عَنْ دَلَالَةِ النَّسْخِ، يُسْتَعْمَلَانِ جَمِيعًا عَلَى التَّرْتِيبِ، وَإِنَّهُ إنْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ لِآخَرَ.
قَالَ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيّ يُحْكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ مَتَى اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِعْمَالِ أَحَدِهِمَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْآخَرِ، كَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ قَاضِيًا عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، كَقَوْلِهِ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي خَمْسَةِ الْأَوْسُقِ، وَحَدِيثُ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» مُخْتَلَفٌ فِي اسْتِعْمَالِهِ، فَكَانَ خَبَرُ إيجَابِ الْعَشَرَةِ مُطْلَقًا قَاضِيًا عَلَيْهِ بِإِيجَابِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا أَصْلٌ صَحِيحٌ، تَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ.
وَنَقَلَ غَيْرُهُ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ: تَرْجِيحَ الْخَاصِّ فِيهِمَا عَلَى النَّسْخِ، وَالْمُفِيدُ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ، وَزَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ: كَوْنَ أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ بَيَانًا لِلْآخَرِ بِالِاتِّفَاقِ، كَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَعَدَمِ الْعَمَلِ بِعُمُومِ الْآيَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ التَّرْجِيحَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute