وَذَكَرَهُ الْمَرْعَشِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُ. وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ " فِي رِوَايَةِ: أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِتَعَيُّنِ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ، بَلْ إمَّا بِتَعَيُّنِ الْأُولَى أَوْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَمِيعِ. اهـ.
وَقِيلَ: بَلْ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي إيجَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا: الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ فِيهِمَا، وَلَا تَنَافِيَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالثَّامِنَةِ التَّعَدُّدُ لَا الْأَخِيرَةُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُطْلَقًا كَإِحْدَاهُنَّ، وَتَكُونُ رِوَايَةُ إحْدَاهُنَّ، وَالثَّامِنَةُ وَاحِدَةً. وَمَعْنَى رِوَايَةِ أُولَاهُنَّ يَعُودُ أَصْلُ السُّؤَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ بِأَنَّ رِوَايَةَ: أُخْرَاهُنَّ مُسَاوِيَةٌ لِإِحْدَاهُنَّ، فَيَبْقَى قَيْدٌ وَهُوَ أُولَاهُنَّ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَرْدُودٌ، لِأَنَّ أُخْرَاهُنَّ مُؤَنَّثُ آخِرَ - بِكَسْرِ الْخَاءِ -، لَا مُؤَنَّثُ آخَرَ - بِفَتْحِهَا -، وَذَاكَ لَا يُضَافُ، وَهَاهُنَا قَدْ وَقَعَ مُضَافًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ مُؤَنَّثُ آخِرَ، فَجَاءَ الْقَيْدَانِ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ بِأَنَّ شَرْطَ التَّعَارُضِ تَسَاوِي الرِّوَايَاتِ وَعَدَمُ وُجُودِ التَّرْجِيحِ فِي أَحَدِهَا، فَأَمَّا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَإِطْرَاحُ الْمَرْجُوحِ، لِامْتِنَاعِ إسْقَاطِ الرَّاجِحِ بِمُعَارَضَةِ الْمَرْجُوحِ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ". وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَازِمٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَحْمِلُونَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا اتَّفَقَ السَّبَبُ وَالْحُكْمُ، وَهُوَ هَاهُنَا كَذَلِكَ. وَيُنَاظِرُ هَذَا السُّؤَالَ سُؤَالَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: لَا يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، إلَّا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute