للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ تَالِفَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَعِنْدَنَا يَتَحَالَفَانِ مُطْلَقًا، مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا» . وَرُوِيَ زِيَادَةُ: (وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ) فَلِمَ لَا حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ مَعَ اتِّحَادِ الْقَاعِدَةِ؟ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ وَرَدَ التَّقْيِيدُ بِقَيْدٍ آخَرَ مُضَادٍّ لِلْقَيْدِ السَّابِقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. فَرَجَعْنَا إلَى أَصْلِ الْإِطْلَاقِ. وَأَيْضًا فَالْقَيْدَانِ ضَعِيفَا الْإِسْنَادِ. وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْمَأْخَذِ مَا يَرْوِيهِ أَصْحَابُنَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْهَلَاكِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهِ: بَاطِلٌ.

الثَّانِي: أَنَّ فِي كِتَابِ فَرِيضَةِ الصَّدَقَةِ فِي فَرِيضَةِ الْإِبِلِ: «فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ» وَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الزِّيَادَةِ، وَجَاءَ مُقَيَّدًا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: (فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ) فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَبَعْضِ وَاحِدَةٍ إلَّا مَا يَجِبُ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَقَطْ. وَهَذَا السُّؤَالُ إنَّمَا يَرُدُّ عَلَى الْإِصْطَخْرِيِّ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ فِيمَا إذَا زَادَتْ بَعْضُ وَاحِدَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ حِقَّتَانِ، وَفَاءً بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ. تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا بِأَصْلِ الْإِطْلَاقِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجِبُ حَمْلُ [كُلِّ] وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَيَّدَيْنِ عَلَى تَقْيِيدِهِ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ. قَالَا: فَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى مُقَيَّدِ نَظِيرِهِ، فَيُنْظَرُ فِي صِفَتَيْ التَّقْيِيدِ فِيهِمَا، فَإِنْ تَنَافَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَمْ يُحْمَلْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَاخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِصِفَتِهِ الَّتِي قُيِّدَ بِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>