للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ مِثْلُ تَقْيِيدِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِالتَّتَابُعِ، وَصَوْمِ التَّمَتُّعِ بِالتَّفْرِيقِ، فَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّتَابُعِ وَالتَّفْرِيقِ، فَيُخَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصِفَةٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُ الصِّفَتَيْنِ وَلَمْ يَتَنَافَيَا فَفِي حَمْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى تَقْيِيدِ نَظِيرِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُحْمَلُ إلَّا عَلَى مَا قُيِّدَ بِهِ، إذَا قُلْنَا الْمُطْلَقُ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إلَّا بِدَلِيلٍ.

وَالثَّانِي: يُحْمَلُ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَتَقْيِيدِ نَظِيرِهِ بِنَظِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَيَّدًا بِالصِّفَتَيْنِ، إذَا قُلْنَا: يَجُوزُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ مَا أُطْلِقَ مِنْ جِنْسِهِمَا عَلَى تَقَيُّدِهِمَا مَعًا، وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ النُّصُوصِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَجَانِسَةِ مُقَيَّدًا بِشَرْطَيْنِ. اهـ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي بَابِ الْأَوَامِرِ وَالْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ وَالنَّهْيِ فَلَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْإِخْلَالُ بِاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ مَعَ تَنَاوُلِ النَّهْيِ. وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ. ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ. قَالَ: لَا خِلَافَ فِي الْعَمَلِ بِمَدْلُولِهِمَا وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، لِعَدَمِ التَّعَذُّرِ فَإِذَا قَالَ: لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا، لَا تُعْتِقْ مُكَاتِبًا كَافِرًا، لَمْ يُعْتِقْ مُكَاتِبًا كَافِرًا وَلَا مُؤْمِنًا أَيْضًا إذْ لَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يُعْمَلْ فِيهِمَا، لَكِنَّ صَاحِبَ " الْمَحْصُولِ " سَوَّى بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي الْحَمْلِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ.

وَأَمَّا الْأَصْفَهَانِيُّ فَتَبِعَ صَاحِبَ " الْمَحْصُولِ " وَقَالَ: حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، بَلْ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَقْسَامِ الْكَلَامِ، نَقُولُ فِي الْخَبَرِ: جَاءَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ عَلِيٍّ، ثُمَّ تَقُولُ: جَاءَنِي بَقِيَّةُ الْعَلَوِيِّينَ. وَمِثَالُ التَّمَنِّي: لَيْتَ لِي مَالًا ثُمَّ تَقُولُ: لَيْتَ لِي جَمَلًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>