للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي " فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ ": التَّأْوِيلُ آخِرُ الْأَمْرِ وَعَاقِبَتُهُ يُقَالُ: مَآلُ هَذَا الْأَمْرِ أَيْ مَصِيرُهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] أَيْ لَا يَعْلَمُ الْآجَالَ وَالْمُدَدَ إلَّا اللَّهُ، وَاشْتِقَاقُ الْكَلِمَةِ مِنْ الْآلِ، وَهُوَ الْعَاقِبَةُ وَالْمَصِيرُ. وَاصْطِلَاحًا: صَرْفُ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ، ثُمَّ إنْ حُمِلَ لِدَلِيلٍ فَصَحِيحٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ الْمَرْجُوحُ فِي نَفْسِهِ رَاجِحًا لِلدَّلِيلِ، أَوْ لِمَا يُظَنُّ دَلِيلًا فَفَاسِدٌ، أَوْ لَا لِشَيْءٍ فَلَعِبٌ، لَا تَأْوِيلٌ. فَإِذَنْ التَّأْوِيلُ: صَرْفُ اللَّفْظِ إلَى غَيْرِهِ لَا نَفْسِ الِاحْتِمَالِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ وَالرَّازِيَّ: هُوَ احْتِمَالٌ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ يَصِيرُ بِهِ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ مِنْ الظَّاهِرِ. وَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ، لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ وَالْيَقِينِيَّ. ثُمَّ إنَّهُ جَعَلَهُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِ الِاحْتِمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَلَا يَتَطَرَّقُ التَّأْوِيلُ إلَى النَّصِّ وَالْمُجْمَلِ، ثُمَّ لَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ يُعَضِّدُهُ دَلِيلٌ فَهُوَ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ مَقْبُولٌ، بَلْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ ظُهُورِ الْمُؤَوَّلِ، فَإِنْ كَانَتْ دَلَالَةُ الْمُؤَوَّلِ عَلَيْهِ مِنْ الْخَارِجِيِّ تَزِيدُ عَلَى دَلَالَتِهِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ الْعَبْدَرِيّ: هَذَا التَّعْرِيفُ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ لَا يَتَأَوَّلُ إلَّا الْعُمُومُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَهُوَ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ، فَإِنَّ مِنْ التَّأْوِيلِ مَا هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقَةٍ إلَى حَقِيقَةٍ، كَاللَّفْظِ الْعُرْفِيِّ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تَصْرِفُهُ عَنْ الْعُرْفِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ مِنْهُ إلَى الْوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ. قَالَ الشَّيْخُ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": اعْلَمْ أَنَّ التَّأْوِيلَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>