بِالْحَاجَةِ فَاعْتِبَارُهَا يَكُونُ اعْتِبَارًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْآيَةِ، فَالْيُتْمُ الْمُجَرَّدُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلتَّعْلِيلِ. بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ فَإِنَّهَا بِمُجَرَّدِهَا مُنَاسِبَةٌ لِلْإِكْرَامِ بِاسْتِحْقَاقِ خُمُسِ الْخُمُسِ.
وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ يُعْطُونَ الْقَرِيبَ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ، وَلَكِنْ سَبَقَ عَنْهُمْ خِلَافُهُ.
وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَخْصِيصُ عُمُومِ ذَوِي الْقُرْبَى بِالْمُحْتَاجِينَ. قِيلَ عَلَيْهِ: كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَفِي الْآيَةِ ذِكْرُ الْمَسَاكِينِ؟ فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّخْصِيصِ التَّكْرَارُ فِي الْآيَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْيَتَامَى، فَإِنَّ الْيُتْمَ يُفِيدُ الِاحْتِيَاجَ لِلْعَجْزِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: ذِكْرُ الْقَرَابَةِ يُخَصُّ فِيهِ فِي الْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ، وَهُوَ تَوْكِيدُ أَمْرِهِمْ.
وَمِنْهَا: حَمْلُهُمْ حَدِيثَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ، وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» عَلَى أَنْ يُؤَذِّنَ بِصَوْتَيْنِ، وَيُقِيمَ بِصَوْتٍ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الِاصْطِلَامِ ": وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ فِي الْخَبَرِ إضَافَةَ الشَّفْعِ وَالْإِيتَارِ إلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ هِيَ الْكَلِمَاتُ لَا الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ فِيهِمَا، عَلَى أَنَّهُ قَالَ فِي الْخَبَرِ: الْإِقَامَةُ، وَعِنْدَهُمْ كَمَا يَقُولُ سَائِرُ الْكَلِمَاتِ فِي الْإِقَامَةِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ، كَذَلِكَ يَقُولُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ [قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ] بِصَوْتٍ وَاحِدٍ، فَبَطَلَ التَّأْوِيلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute