للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَرْبَابِ الْحَاجَاتِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الْقَرَابَةَ، فَصَرَفُوا اللَّفْظَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْقَرَابَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْحَاجَةِ، وَهِيَ مُنَاسِبَةٌ مَعَ ذَلِكَ، فَاشْتَرَطُوا الْحَاجَةَ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا الْقَرَابَةَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقْتَضِيهِ لَامُ التَّمْلِيكِ وَتَرَتُّبِ الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَهِيَ نَسْخٌ عِنْدَهُمْ، لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَكَيْفَ بِالْقِيَاسِ.

وَكَوْنُهُ مَذْكُورًا مَعَ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ مَعَ قَرِينَةِ إعْطَاءِ الْمَالِ لَيْسَ قَرِينَةً فِيهِ، وَإِلَّا لَزِمَ النَّقْصُ فِي حَقِّ الرَّسُولِ لِوُجُودِهَا فِيهِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَوْ حَتَّمُوا صَرْفَ شَيْءٍ إلَى الْقَرَابَةِ بِشَرْطِ الْحَاجَةِ لَكَانَ قَرِيبًا. اهـ. لَكِنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّ الْخُمُسَ مَقْسُومٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَيُعْطِي ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ لِفَقْرِهِمْ، فَعَلَى هَذَا ذِكْرُ الْقَرَابَةِ كَالْمُقْحِمِ الْكَيَاظِمِ، وَهُوَ تَعْطِيلٌ لِلنَّصِّ. فَإِنْ قَالُوا: ذِكْرُ الْقَرَابَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَنْعُهُمْ كَمَا فِي الصَّدَقَاتِ، لَا فِي وُجُوبِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ. قُلْنَا: هَذَا بَعِيدٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ دَلَالَةِ اللَّامِ وَوَاوِ الْعَطْفِ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَفِيهِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مَعَ تَخَلُّلِ الْفَصْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي اللُّغَةِ، وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ عِنْدَهُ مِنْ مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ مِنْ الْمَقْطُوعِ بِبُطْلَانِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَخْصِيصُ عُمُومِ لَفْظِ " الْقُرْبَى " بِالْمُحْتَاجِينَ مِنْهُمْ كَمَا فَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي اعْتِبَارِ الْحَاجَةِ مَعَ الْيُتْمِ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْآيَةِ. اهـ. وَمَا فَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ أَقْرَبُ، لِأَنَّ لَفْظَ " الْيَتِيمِ " مَعَ قَرِينَةِ إعْطَاءِ الْمَالِ يُشْعِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>