إلَى الْإِجْمَالِ، لِأَنَّهُ نَفَى الْأَسْمَاءَ الشَّرْعِيَّةَ، وَاَلَّذِي دَلَّ اللَّفْظُ عَلَى نَفْيِهِ مَوْجُودٌ، فَافْتَقَرَ إلَى التَّقْدِيرِ، وَتَعَدُّدِ الْمُقَدَّرِ. وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَهْلِ الرَّأْيِ. وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْوَقْفَ. قَالَ: وَهُوَ غَيْرُ مَذْهَبِ الْإِجْمَالِ، فَيَقُولُ: يَحْتَمِلُ عِنْدِي نَفْيَ الْإِجْزَاءِ وَنَفْيَ الْكَمَالِ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: وَالْقَائِلُ بِالْإِجْمَالِ يَقُولُ: إنَّهُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلنَّفْيِ. قُلْتُ: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ". بَلْ صَرَّحَ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ بِمُجْمَلٍ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا عَامَّةٌ، مِنْهُمْ: الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ "، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ مُعْظَمِ الْفُقَهَاءِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ. قَالَ: وَتَجَاهَلَ قَوْمٌ فَقَالُوا: لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى دَفْعِهِ.
قَالَ شَارِحُ " اللُّمَعِ ": وَاخْتَلَفُوا إلَى مَاذَا يَعُودُ النَّفْيُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إلَى نَفْيِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ النِّكَاحُ الشَّرْعِيُّ، وَالصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَالصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ، لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَهُ بِهِ الشَّرْعُ، وَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مَعَ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، فَاسْتَغْنَى هَذَا عَنْ دَعْوَى الْعُمُومِ فِي الْمُضْمَرِ، وَعَنْ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى التَّنَاقُضِ، وَعَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ (- عَلَيْهِ السَّلَامُ -) بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ.
وَقِيلَ: بَلْ يُرْجَعُ إلَى الصِّفَاتِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الِاعْتِدَادُ فِي الْكِفَايَةِ، كَمَا يُرْجَعُ النَّفْيُ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ لَيْسَ فِي الْبَلَدِ سُلْطَانٌ، عَلَى نَفْيِ الصِّفَاتِ الَّتِي يَقَعُ بِمَا الْكِفَايَةُ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَذْكُورَةً، فَهِيَ مَعْقُولَةٌ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَنَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْمَلْفُوظِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute