وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَوَائِلِ الْمَفْهُومِ فِي " الْبُرْهَانِ ": مَا صَارَ إلَيْهِ الدَّقَّاقُ صَارَ إلَيْهِ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَنَقَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ فِي " التَّمْهِيدِ " عَنْ مَنْصُوصِ أَحْمَدَ. قَالَ: وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَدَاوُد، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ. اهـ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ أُشِيرَ إلَى مَالِكٍ الْقَوْلُ بِهِ لِاسْتِدْلَالِهِ فِي " الْمُدَوَّنَةِ " عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا ذُبِحَتْ لَيْلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨] قَالَ: فَذَكَرَ الْأَيَّامَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّيَالِي، وَنُقِلَ الْقَوْلُ بِهِ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، وَالْبَاجِيِّ، وَابْنِ الْقَصَّارِ. وَحَكَى ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " قَوْلًا ثَالِثًا عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ فَيَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ، نَحْوُ: فِي السُّودِ مِنْ النَّعَمِ الزَّكَاةُ، وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَشْخَاصِ، إلَّا أَنَّ مَدْلُولَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ أَكْثَرُ، وَهُمَا فِي الدَّلَالَةِ مُتَسَاوِيَانِ. وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَةِ قَوْلًا رَابِعًا، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَيَكُونَ حُجَّةً، كَقَوْلِهِ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» إذْ قَرِينَةُ الِامْتِنَانِ تَقْتَضِي الْحَصْرَ فِيهِ.
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَقَدْ سَفَّهُ الْأُصُولِيُّونَ الدَّقَّاقَ، وَمَنْ قَالَ بِمَقَالَتِهِ، وَقَالُوا: هَذَا خُرُوجٌ عَنْ حُكْمِ اللِّسَانِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: رَأَيْت زَيْدًا لَمْ يَقْتَضِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ غَيْرَهُ قَطْعًا، وَلِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ وَالْقِيَاسِ، فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ تَخْصِيصَ الرِّبَا بِالِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ، وَلَوْ قُلْنَا بِهِ بَطَلَ الْقِيَاسُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute