عِلْمِهِ بِالنَّسْخِ، لَكِنَّهُ يُعْذَرُ. قَالَ: وَلِأَجْلِ هَذَا الْخِلَافِ خَرَّجُوا عَمَلَ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي التَّأْثِيمِ، وَهَلْ يَثْبُتُ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ إذْ هُوَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوَضْعِيَّةِ؟ هَذَا فِيهِ تَرَدُّدٌ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْأَحْكَامِ الْوَارِدَةِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ تَتَّصِلْ بِنَا، لِأَنَّ الْعَادَةَ تَخْصِيصُ جَانِبِ النَّسْخِ بِالذِّكْرِ دُونَ الْحُكْمِ الْمُبْتَدَأِ. اهـ.
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ غَرِيبَةٌ. وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُخَاطَبُ بِحُكْمِ الْأَوَّلِ إلَى أَنْ يَبْلُغَهُ النَّسْخُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ نَاسِخًا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ أَمْرٌ لِلْمَعْدُومِ عَلَى شَرْطِ الْوُجُودِ، أَوْ لَا يَتَّصِفُ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ؟ قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ مَعَ الَّذِينَ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ يَعْنِي الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَرْتَفِعُ عَمَّنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ. وَقَدْ تَبِعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَاضِيَ فِي جَعْلِ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا. قَالَ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ عَلَيْهِمْ الْأَخْذَ بِالنَّاسِخِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَتَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ. وَإِنْ أُرِيدَ إلْزَامُ التَّدَارُكِ فَلَا مَنْعَ قَطْعًا. وَقَدْ قَالَ: بَلْ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَحْتَاجُ فِي التَّدَارُكِ إلَى خِطَابٍ جَدِيدٍ، أَوْ يَكْفِي النَّاسِخُ؟ وَقَدْ سَبَقَ عَنْ إلْكِيَا مَا يَنْبَغِي اسْتِحْضَارُهُ هُنَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَطْعِيَّةٌ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى إلْحَاقِهَا بِالْمُجْتَهَدَات، حَتَّى نَقَلُوا فِيهَا قَوْلَيْنِ مِنْ الْوَكِيلِ إذَا عُزِلَ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ الْعَزْلُ. هَذَا كُلُّهُ إذَا بَلَّغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ بَلَّغَهُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ كَقَضِيَّةِ الصَّلَاةِ، فَهَلْ يُسَمَّى نَسْخًا أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ تَسْمِيَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute