للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ اسْتِقْبَالَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالسُّنَّةِ لَا بِالْقُرْآنِ.

الثَّالِثُ: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَبَقِيَ رَسْمُهُ، وَرُفِعَ رَسْمُ النَّاسِخِ وَبَقِيَ حُكْمُهُ، كَقَوْلِهِ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: ١٥] بِقَوْلِهِ: (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ) . وَقَالَ عُمَرُ: كُنَّا نَقْرَؤُهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْلَا أَنْ يُقَالَ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَأَثْبَتهَا، فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرَّجْمَ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، بَلْ إنَّمَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الرَّجْمُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قُلْنَا: هَذَا مُقَرِّرٌ لِحُكْمِ تِلْكَ الْآيَةِ. وَيُعْرَفُ أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ.

وَقَدْ يُضَعَّفُ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى التَّأْسِيسِ وَإِثْبَاتَ الرَّجْمِ ابْتِدَاءً أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى تَأْكِيدِ الْآيَةِ الْمَنْسُوخَةِ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ مُبَيِّنًا لِلسَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: ١٥] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِآيَةِ الرَّجْمِ، بَلْ هُوَ إمَّا مُسْتَقِلٌّ بِإِثْبَاتِهِ أَوْ مُبَيِّنٌ لِلسَّبِيلِ مِنْ الْآيَةِ الْأُخْرَى.

الرَّابِعُ: مَا نُسِخَ حُكْمُهُ، وَرَسْمُهُ، وَنُسِخَ رَسْمُ النَّاسِخِ وَبَقِيَ حُكْمُهُ. كَالْمَرْوِيِّ عَنْ عَائِشَةَ (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>