رَضَعَاتٍ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ مِمَّا يُتْلَى مِنْ الْقُرْآنِ) . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَالْعَشْرُ مِمَّا نُسِخَ رَسْمُهُ وَحُكْمُهُ، وَالْخَمْسُ مِمَّا نُسِخَ رَسْمُهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ حِينَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ لَمْ يُثْبِتُوهَا رَسْمًا، وَحُكْمُهَا بَاقٍ عِنْدَ هُمْ. وَقَوْلُهَا: وَهِيَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: يَعْنِي أَنَّهُ يُتْلَى حُكْمُهُ دُونَ لَفْظِهِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يَعْنِي مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُ تِلَاوَتِهِ قُرْآنًا، فَهَذَا أَوْلَى. وَإِنَّمَا احْتَجْنَا لِهَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ الْيَوْمُ، وَأَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، فَكَانَ الْمَنْسُوخُ مَرْفُوعَ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ، وَالنَّاسِخُ بَاقِيَ التِّلَاوَةِ.
وَمَنَعَ قَوْمٌ مِنْ نَسْخِ اللَّفْظِ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِهِ، وَمِنْ نَسْخِ حُكْمِهِ مَعَ بَقَاءِ لَفْظِهِ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي أَحَدُهُمَا إلَى أَنْ يَبْقَى الدَّلِيلُ وَلَا مَدْلُولَ، وَالْآخَرُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَرْتَفِعَ الْأَصْلُ وَيَبْقَى النَّاسِخُ. وَالصَّحِيحُ هُوَ الْجَوَازُ، لِأَنَّ التِّلَاوَةَ وَالْحُكْمَ فِي الْحَقِيقَةِ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَجَازَ نَسْخُ أَحَدِهِمَا، وَتَبْقِيَةُ الْآخَرِ كَالْعِبَادَتَيْنِ. وَجَزَمَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بِامْتِنَاعِ نَسْخِ التِّلَاوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ التِّلَاوَةِ.
وَقَدْ أُورِدَ عَلَى أَثَرِ عُمَرَ السَّابِقِ كَوْنُهُ مِمَّا نُسِخَ رَسْمُهُ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِ هَذَا، فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ كَفَرَ، وَبِمِثْلِ هَذَا لَا يَكْفُرُ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ قُرْآنًا، فَكَيْفَ يُدَّعَى نَسْخُهُ؟ وَالرَّجْمُ مَا عُرِفَ بِهَذَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute