تَنْبِيهَاتٌ
الْأَوَّلُ: إذَا قُلْنَا بِامْتِنَاعِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَمَاذَا يُفْعَلُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا، حَكَاهُمَا أَبُو الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيُّ فِي كِتَابِهِ " أَدَبِ الْجَدَلِ ": أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْآيَةِ وَتَرْكُ الْخَبَرِ، إذْ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا يَنْسَخُ الْآيَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهَا نُسِخَتْ بِمِثْلِهَا أَوْ بِمَا يَجُوزُ نَسْخُهَا بِهِ بِدَلِيلِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ بَعْدَهُ بِخِلَافِهِ. قَالَ: فَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَبَرُ مُتَوَاتِرًا، وَقُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ. [نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْمُسْتَفِيضِ مِنْ السُّنَّةِ]
الثَّانِي: أَنَّهُمْ تَعَرَّضُوا لِلْآحَادِ وَالتَّوَاتُرِ وَسَكَتُوا عَنْ الْمُسْتَفِيضِ، لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ النَّقْشَوَانِيُّ. وَقَالَ: قَدْ جَوَّزُوا التَّخْصِيصَ بِهِ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي النَّسْخِ آكَدُ، وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " فِي بَابِ الْأَخْبَارِ. وَحَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ جَوَازَ نَسْخِ الْكِتَابِ بِهِ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ، وَجَوَّزَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْكِتَابِ بِهِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِنَسْخٍ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ فِي " الْحَاوِي " أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمُتَوَاتِرِ، فَإِنَّهُ حَكَى الْخِلَافَ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ، كَمَا نُسِخَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ بِحَدِيثِ: (لَا وَصِيَّةَ) . قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّهُ إنَّمَا نَسَخَهَا آيَةُ الْمَوَارِيثِ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ بَيَانًا. الثَّالِثُ: فِي الْمَسْأَلَةِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ: «كَلَامِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute