للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْوَى مِنْهُ. انْتَهَى. وَكَذَا جَزَمَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، قَالَ: لِأَنَّهُ مِثْلُ النُّطْقِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ. قَالَ: لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَهُ قِيَاسًا، فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ نَسْخُ النَّصِّ بِهِ. وَنَقَلَ الْآمِدِيُّ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ يُنْسَخُ بِهِ مَا يُنْسَخُ بِمَنْطُوقِهِ، وَهُوَ عَجِيبٌ. فَإِنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، وَغَيْرِهِمْ، حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي "، وَالشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ "، وَسُلَيْمٌ، وَصَحَّحَا الْمَنْعَ. قَالَ سُلَيْمٌ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهُ قِيَاسٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، فَلَا يَقَعُ النَّسْخُ بِهِ. وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ: لِأَنَّ الْقِيَاسَ فَرْعُ النَّصِّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لَهُ.

قَالَ: وَالثَّانِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ: الْجَوَازُ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَرِدَ التَّعَبُّدُ فِي فَرْعِهِ بِخِلَافِ أَصْلِهِ، صَارَ الْفَرْعُ كَالنَّصِّ، فَجَازَ بِهِ النَّسْخُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ نَصًّا فِي الْقُرْآنِ جَازَ أَنْ يُنْسَخَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ نَصًّا فِي السُّنَّةِ جَازَ أَنْ يُنْسَخَ بِهِ السُّنَّةُ دُونَ الْقُرْآنِ. قَالَ: وَمِنْ هَاهُنَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: ٦٥] مَعَ قَوْلِهِ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٦] الْآيَةَ أَنَّ نَسْخَ مُصَابَرَةِ عِشْرِينَ مِئَتَيْنِ بِمُصَابَرَةِ عِشْرِينَ أَرْبَعِينَ عُلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>