وَصِفَةُ رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ مِنْ الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا، وَكَاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ مَعَ قَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] فَإِنَّ اشْتِرَاطَهَا يَكُونُ تَغْيِيرًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَذْكُورِ فِيهِ. فَاخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا لَا تَكُونُ نَسْخًا مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْجُبَّائِيِّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَسَوَاءٌ اتَّصَلَتْ بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ أَمْ لَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ. قَالَ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ مَانِعَةً مِنْ إجْرَاءِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مَانِعَةٍ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ، وَإِلْكِيَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ: إنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَلَيْسَ بِنَسْخٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَقَالَ فِي " الْمَنْخُولِ ": قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ بِنَسْخٍ وَإِنَّمَا هِيَ تَخْصِيصُ عُمُومٍ، يَعْنِي حَتَّى يَجُوزَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَسْخٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي السَّبَبِ أَوْ الْحُكْمِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالُوا: إنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ تُوجِبُ النَّسْخَ، حَكَاهُ الصَّيْمَرِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَاخْتَارَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا.
قَالَ ابْنُ فُورَكٍ، وَإِلْكِيَا: عُزِيَ إلَى الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» : مَنْسُوخٌ فِي وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَإِنَّ هَذَا النَّصَّ تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا نَصُّهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا غُسْلَ فِيمَا سِوَاهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute