للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ. وَإِنَّمَا صَارَ مَنْسُوخًا بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَصْلِ، وَحَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» إنَّمَا دَلَّ مِنْ حَيْثُ دَلِيلُ الْخِطَابِ، فَهُوَ نَسْخٌ لِلْمَفْهُومِ لَا نَسْخٌ لِلنَّصِّ مِنْ حَيْثُ الزِّيَادَةُ. انْتَهَى.

وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْآتِي الْقَائِلُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا نَفَاهُ الْمَفْهُومُ، وَمَا لَمْ يَنْفِهِ، لِأَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ يَجْعَلُ مَا نَفَاهُ الْمَفْهُومُ نَسْخًا لِلنَّصِّ، وَأَصْحَابُنَا لَا يَجْعَلُونَ ذَلِكَ نَسْخًا لِلنَّصِّ أَلْبَتَّةَ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ نَسْخٌ لِلْمَفْهُومِ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ نَسْخَ النَّصِّ. وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُجْعَلُ نَسْخًا لِلنَّصِّ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَّا بِذَلِكَ فِي نَسْخِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ إلَّا هَذَا الْوَجْهَ الضَّعِيفَ.

وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ يَنْفِي الزِّيَادَةَ بِفَحْوَاهُ، فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ، كَقَوْلِهِ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ دَلِيلُهُ نَفْيَ الزَّكَاةِ عَنْ الْمَعْلُوفَةِ، فَإِنْ زِيدَتْ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْلُوفَةِ كَانَ نَسْخًا، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا لَا يَنْفِي تِلْكَ الزِّيَادَةَ فَوُجُودُهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا، حَكَاهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَصَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرُهُمَا.

وَالرَّابِعُ: إنْ غَيَّرَتْ الْمَزِيدَ عَلَيْهِ تَغْيِيرًا شَرْعِيًّا حَتَّى صَارَ لَوْ فُعِلَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ عَلَى حَدِّ مَا كَانَ يُفْعَلُ مِثْلَهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، وَيَجِبُ اسْتِئْنَافُهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ نَسْخًا، كَزِيَادَةٍ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ لَوْ فُعِلَ عَلَى حَدِّ مَا يَكُونُ يُفْعَلُ قَبْلَ الزِّيَادَةِ يَصِحُّ فِعْلُهُ، لَمْ يَكُنْ نَسْخًا كَزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ عَلَى الْجَلْدِ. حَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " " وَالْقَوَاطِعِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ. وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ عَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ والإستراباذيِّ وَالْبَصْرِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>