للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَى هَذَا التَّفْصِيلَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ، وَالْبَيْضَاوِيُّ، وَنَقَلَاهُ عَنْ اخْتِيَارِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، يَعْنِي فِي " الْمُعْتَمَدِ "، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي " مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ ". وَقَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: إنَّهُ أَجْوَدُ الطُّرُقِ وَأَحْسَنُهَا. وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: لَا يَتَّجِهُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّ النَّسْخَ بَيَانٌ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَّجِهُ لِلْآمِدِيِّ، وَالرَّازِيِّ الْقَوْلُ بِهِ.

وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي " شَرْحِ الْكِفَايَةِ " عَنْ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ شَرْطًا فِي الْمَزِيدِ عَلَيْهِ كَانَتْ نَسْخًا، وَإِلَّا فَلَا. وَاَلَّذِي فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ " خِلَافُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَرَّرَ مَا سَبَقَ. نَعَمْ، قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ شَرْطٍ لِلْعِبَادَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِهَا نَسْخًا لَهَا، لِأَنَّهَا إنْ فُعِلَتْ مَعَ عَدَمِهِ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً، فَإِذَا فُعِلَتْ مَعَ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ صَلَاةً. قَالَ: وَأَمَّا زِيَادَةُ التَّرْتِيبِ وَالنِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ مِنْ بَابِ النُّقْصَانِ فِي حُكْمِ النَّصِّ لَا الزِّيَادَةِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: {فَاغْسِلُوا} [المائدة: ٦] الْآيَةَ الْإِجْزَاءُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَ، فَإِذَا وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِإِيجَابِ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ، جَعَلَتْ بَعْضَ مَا كَانَ مُجْزِئًا غَيْرَ مُجْزِئٍ، فَصَارَ بِمَثَابَةِ تَقْيِيدِ الرَّقَبَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْكَفَّارَةِ بِالْأَيْمَانِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ إطْلَاقِهَا وَإِجْزَاءِ جَمِيعِ الرَّقَبَاتِ مُؤْمِنَةً وَكَافِرَةً. فَإِنْ قُلْت: لَهَا حُكْمٌ وَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا. قِيلَ: إذَا أُورِدَ بِالنَّصِّ كَانَ تَخْصِيصَ عُمُومٍ، وَإِلَّا فَهُوَ نَسْخٌ. انْتَهَى.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ هَذِهِ التَّفَاصِيلَ لَا حَاصِلَ لَهَا، وَلَيْسَتْ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّهُ لَا رَيْبَ عِنْدَ الْكُلِّ أَنَّ مَا رَفَعَ حُكْمًا شَرْعِيًّا كَانَ نَسْخًا، لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي مَقَامِ أَنَّ النَّسْخَ رَفْعٌ أَوْ بَيَانٌ، وَمَا لَا فَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>