وَالتَّيَمُّمِ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِزِيَادَةِ التَّغْرِيبِ وَإِنْظَارِهِ بِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ انْفَصَلُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ: «ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» قِيلَ لَهُمْ: فَيَكُونُ حِينَئِذٍ رَافِعًا لِإِطْلَاقِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ مِنْ الْمِيَاهِ، وَتَقْيِيدُ مَدْلُولِ النَّصِّ الْمُطْلَقِ نَسْخٌ لِلنَّصِّ عِنْدَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو الطَّيِّبِ: فَائِدَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ بِالْقِيَاسِ، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ بَعْدَمَا جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ بِهِ. وَفَصَلَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ "، فَقَالَ: الْمَزِيدُ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ جَازَ إثْبَاتُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ مِمَّا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الزِّيَادَةِ بِهِ. قَالَ: وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَقِدُ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُقْبَلُ إذَا وَرَدَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَعْتَبِرُ لِلْعَمَلِ بِهِ شَرَائِطَ، وَالشَّافِعِيُّ لَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ
أَطْلَقَ النَّصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا يَسْتَمِرُّ إذَا سَمَّيْنَا الظَّوَاهِرَ نُصُوصًا، فَإِنْ قُلْنَا: الظَّاهِرُ لَا يُسَمَّى نَصًّا، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُسْتَدْرَكَةٌ، لِأَنَّ تَغْيِيرَ النُّصُوصِ الَّتِي لَا احْتِمَالَ فِيهَا نَسْخٌ لَا مَحَالَةَ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ.
فُرُوعٌ
الْأَوَّلُ: لَوْ أَوْجَبَ الشَّارِعُ الزَّكَاةَ فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ، فَهَلْ يَكُونُ نَسْخًا لِوُجُوبِهَا فِي السَّائِمَةِ؟ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ نَفْيُ إيجَابِهَا فِي الْمَعْلُوفَةِ، فَلَوْ وَجَبَتْ فِيهَا لَكَانَتْ زِيَادَةً نَفَاهَا الْمَفْهُومُ، فَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْمَفْهُومِ لَا يَكُونُ نَسْخًا، لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute