لَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا مِنْ مَدْلُولِهِ، وَإِنَّمَا رَفَعَ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ. وَمَنْ قَالَ بِهِ كَانَ نَسْخًا لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مُرَادٌ مِنْ الْكِتَابِ.
الثَّانِي: لَوْ زِيدَتْ رَكْعَةٌ فِي الصُّبْحِ بِحَيْثُ صَارَتْ ثَلَاثًا، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: لَيْسَ بِنَسْخٍ لِحُكْمِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ الصُّبْحِ، لِأَنَّ النَّسْخَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَلَا بِإِجْزَائِهَا، لِأَنَّهُمَا يَجْزِيَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: نَسْخُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَالتَّحْرِيمُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَقَدْ ارْتَفَعَ بِالزِّيَادَةِ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: هَذَا لَيْسَ بِحَقٍّ. لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالرَّكْعَتَيْنِ مُقْتَضِيًا لِلنَّهْيِ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُمْكِنُ اسْتِفَادَتُهُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. فَزِيَادَةُ الرَّكْعَةِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَكُونُ نَسْخًا لِحُكْمِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ الرَّكْعَتَيْنِ. انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، فَإِنَّ كَلَامَنَا فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ هَلْ هِيَ نَسْخٌ لِلْمَزِيدِ عَلَيْهِ، لَا فِي كَوْنِهَا نَسْخًا لِأَمْرٍ آخَرَ. وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": إنَّهُ نَسْخٌ، كَوُجُوبِ التَّشَهُّدِ عَقِيبَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَوَافَقَهُ الْآمِدِيُّ لِلرَّدِّ بِهِ عَلَى أَبِي الْحُسَيْنِ، وَنَازَعَهُ الْهِنْدِيُّ.
الثَّالِثُ: زِيَادَةُ التَّغْرِيبِ عَلَى الْجَلْدِ لَا يُزِيلُ نَفْيَ وُجُوبِ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ، وَهَذَا النَّفْيُ غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالشَّرْعِ، لِأَنَّ إيجَابَ الْمِائَةِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ إيجَابِهَا مَعَ نَفْيِ الزَّائِدِ وَثُبُوتِهِ، وَمَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ لَا إشْعَارَ لَهُ بِمَا بِهِ الِامْتِيَازُ، لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ، وَرَفْعُ الثَّابِتِ بِالْعَقْلِ لَيْسَ بِنَسْخٍ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: هُوَ نَسْخٌ، فَقَالَ: زِيَادَةُ التَّغْرِيبِ نَسْخٌ لِتَحْرِيمِهِ، إذْ كَانَ يَحْرُمُ التَّغْرِيبُ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ كَلَامَنَا، إلَّا فِي أَنَّهُ هَلْ هُوَ نَسْخٌ لِلْمَزِيدِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْجَلْدُ لَا غَيْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute