بِهِ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ خَالَفَهُمْ. قَالَ فِي " الْمَصَادِرِ ": وَشَرَطَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي صَحِبَهُ آخِرًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَبْلَ صُحْبَتِهِ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَرَاهُ أَوَّلًا وَيَسْمَعَ مِنْهُ، وَهُوَ مُصَاحِبٌ لَهُ، ثُمَّ رَآهُ ثَانِيًا وَيَخْتَصُّ بِهِ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ "، وَجَزَمَ بِعَدَمِ النَّسْخِ، وَكَذَا الْهِنْدِيُّ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِكَوْنِ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ، أَوْ يَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ إسْلَامِ رَاوِي الْآخَرِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ ". وَأَطْلَقَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَابْنُ بَرْهَانٍ أَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ صُحْبَةً نَاسِخَةٌ لِرِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي لِأَحَدِهِمَا أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ، أَوْ بَعْدَ قِصَّتِهِ، وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلشَّيْخِ فِي " اللُّمَعِ "، وَجَزَمَ سُلَيْمٌ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ بِأَنَّ رِوَايَةَ الْمُتَأَخِّرِ نَاسِخَةٌ.
الْخَامِسُ: مَعْرِفَةُ التَّارِيخِ لِلْوَاقِعَتَيْنِ، كَحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» . قَالَ الشَّاشِيُّ: هُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إنَّمَا صَحِبَهُ مُحْرِمًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ شَدَّادٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ.
السَّادِسُ: كَوْنُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ شَرْعِيًّا، وَالْآخَرِ مُوَافِقًا لِلْعَادَةِ، فَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute