وَهَكَذَا حَكَى الْخِلَافَ إلْكِيَا، وَعَلَّلَ الْوَقْتَ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيقَاعِ، وَالْمَصَالِحُ مُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُكَلَّفِينَ. قَالَ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِلْأُصُولِيِّينَ مُتَّجَهٌ إلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ مُبَاحٌ؛ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ سُئِلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَأَجَابَتْ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَبْتَعِدُ عَنْ ذَلِكَ. اهـ. وَجَزَمَ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ، حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ «عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ. قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُك تَصْنَعُ أَرْبَعًا، وَفِيهَا: رَأَيْتُك تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ؟ فَقَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُهَا» . وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَاِتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَنَبَذَهُ، وَقَالَ: إنِّي لَمْ أَلْبَسْهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ» .
وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا يَقْتَضِي انْقِسَامَ هَذَا الْقِسْمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا يَتَرَقَّى إلَى الْوُجُوبِ، كَإِيجَابِ الشَّافِعِيِّ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ» . وَثَانِيهَا: مَا يَتَرَقَّى إلَى النَّدْبِ، كَاسْتِحْبَابِ أَصْحَابِنَا الِاضْطِجَاعَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَرْءُ تَهَجَّدَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute