للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ، أَصَحُّهَا: أَنَّ أُمَّتَهُ مِثْلُهُ، إلَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهِ. وَثَانِيهَا: كَمَا لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَثَالِثُهَا: مِثْلُهُ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ غَيْرِهَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ خَلَّادٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ. وَرَابِعُهَا: الْوَقْفُ، قَالَهُ الرَّازِيَّ: وَحَكَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا إلَّا بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هَكَذَا أَوْرَدَهُ الْأَصْحَابُ. وَعِنْدِي أَنَّ مَا فَعَلَهُ عَلَى جِهَةِ التَّقَرُّبِ سَوَاءٌ عُرِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى جِهَةِ التَّقَرُّبِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ، فَإِنَّهُ شَرْعٌ لَنَا، إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يُفْصِحْ عَنْهَا الْمُحَقِّقُونَ، وَأَنَا أَقُولُ: إذَا عَلِمْنَا أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ، فَإِنْ عَلِمْنَاهُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَعَلَيْنَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِفِعْلِهِ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا، بَلْ مَرْجِعُنَا إلَى الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ خُصُوصِيَّتِهِ، وَإِنْ عَلِمْنَاهُ مُخْتَصًّا بِهِ، فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِي خَصَائِصِهِ، وَإِنْ شَكَكْنَا فَلَا دَلِيلَ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا أَدِلَّةُ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ فِيمَا لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى فَرْضِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ أَنَّهُ مَعْلُومُ الصِّفَةِ أَوَّلًا، وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَوْقَعَهُ نَدْبًا فَهُوَ عَلَى اخْتِيَارِنَا النَّدْبَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>