مَجْهُولِ الصِّفَةِ، أَوْ مُبَاحًا، فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ. اهـ مُلَخَّصًا. وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ صِفَتَهُ فِي حَقِّهِ، فَتَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ: فَذَهَبَتْ طَوَائِفُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَكِنْ يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ. قَالَ: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ غَيْرُهُ عَنْ الْقَفَّالِ، وَأَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ، وَذَهَبَ الْوَاقِفِيَّةُ إلَى الْوَقْفِ، وَنَسَبَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لِأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَيُحْكَى عَنْ الدَّقَّاقِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَحَكَاهُ فِي " اللُّمَعِ " عَنْ الصَّيْرَفِيِّ، وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَلَمْ يَحْكِ الْإِمَامُ قَوْلَ الْإِبَاحَةِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ لَا يُجَامِعُ اسْتِوَاءَ الطَّرَفَيْنِ، لَكِنَّ ابْنَ السَّمْعَانِيِّ حَكَاهُ حَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الْأَحْوَالِ، وَكَذَا الْآمِدِيُّ صَرَّحَ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ الْآتِي فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِفِعْلِ الْمُبَاحِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ، وَيُثَابُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى هَذَا الْقَصْدِ، فَهُوَ قُرْبَةٌ فِي حَقِّهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَظْهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ، بَلْ كَانَ مُجَرَّدًا مُطْلَقًا، وَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ الْآتِي، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّحْقِيقُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حُكْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ دُنْيَوِيٌّ كَالتَّنَزُّهِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ، وَإِلَّا كَانَ ظَاهِرًا فِي النَّدْبِ، وَيَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ. وَأَمَّا حُكْمُ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ وَاجِبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute