فِي حَقِّنَا وَحَقِّهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، وَنَسَبُوهُ لِابْنِ سُرَيْجٍ. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَهُوَ زَلَلٌ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَهُوَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ ذَلِكَ. وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْإِصْطَخْرِيِّ، وَابْنِ خَيْرَانَ، وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرِيِّ، وَأَكْثَرِ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا، كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَقَالَ سُلَيْمٌ: إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَنَصَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ "، وَقَالَ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. لَكِنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا فِيمَا ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَنَصَرَ أَدِلَّتَهُ.
قَالَ: وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ [فِي الرَّدِّ] عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي سُنَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوَامِرِهِ: أَجْمَعْنَا أَنَّ الْأَمْرَ يَخْتَصُّ بِهِ الظَّاهِرُ، فَهُوَ إذَا انْفَرَدَ بِنَفْسِهِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي " الْمَعَالِمِ ". وَمِنْ هَذَا الْبَابِ جُلُوسُهُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا فِعْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَرَأَى الشَّافِعِيُّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ التَّأَسِّي فِي حَقِّنَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ مَالِكٍ. قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ، وَاخْتَارَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إنَّهُ اللَّائِقُ بِأُصُولِهِمْ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَئِمَّةُ الْمَالِكِيَّةِ فِي كُتُبِهِمْ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفُرُوعِيَّةِ، وَفُرُوعُ الْمَذْهَبِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ. وَنَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِنْهُمْ الْكَرْخِيّ وَغَيْرُهُ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ عَلَى طَرِيقَيْنِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّا نُدْرِكُ الْوُجُوبَ بِالْعَقْلِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّا نُدْرِكُهُ بِالسَّمْعِ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ. وَقَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: الصَّحِيحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute