حُكْمِهِ إلَى الْأُمَّةِ، وَثُبُوتِ التَّأَسِّي، وَإِنْ عُرِفَتْ جِهَةُ فِعْلِهِ، وَالثَّانِي: الْوَقْفُ فِي تَعْيِينِ جِهَةِ فِعْلِهِ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ، وَإِنْ كَانَ التَّأَسِّي ثَابِتًا، وَهُوَ بِهَذَا يَئُولُ إلَى قَوْلِ النَّدْبِ. وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَظْرِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ، وَتَبِعَهُ الْآمِدِيُّ وَالْهِنْدِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ جَوَّزَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الْمَعَاصِي، وَهُوَ سُوءُ فَهْمٍ. فَإِنَّ هَذَا الْقَائِلَ يَقُولُ: إنَّ غَيْرَهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ فِيهَا. لَا إنْ وَقَعَ مِنْهُ يَكُونُ حَرَامًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، فَقَالَا: ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ اتِّبَاعُهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرَائِعِ، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهَا عَلَى الْحَظْرِ، وَلَمْ يَجْعَلُوا فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَمًا فِي تَثْبِيتِ حُكْمٍ، فَبَقِيَ الْحُكْمُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي قَضِيَّةِ الْعَقْلِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرَائِعِ. تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي حُكْمِ الْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ حُكْمَنَا حُكْمُهُ فِي الْأَفْعَالِ الْمَعْرُوفَةِ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ النَّفِيسِ قَالَ فِي كِتَابِهِ " الْإِيضَاحِ ": الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ دُنْيَوِيٌّ كَالتَّنَزُّهِ، فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالنَّدْبِ، وَإِلَّا كَانَ ظَاهِرًا فِي النَّدْبِ، وَيَحْتَمِلُ الْوُجُوبَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَحَكَى الْخِلَافَ السَّابِقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute