للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِي النَّفْسَانِيِّ، مَجَازٌ فِي اللِّسَانِيِّ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، كَالْخِلَافِ فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِهِ، وَنُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّهُ لَا صِيغَةَ لِلْخَبَرِ، وَعَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ خَبَرًا إذَا انْضَمَّ إلَى اللَّفْظِ قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ إلَى الْإِخْبَارِ بِهِ، كَمَا قَالُوا فِي الْأَمْرِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ صِيغَةً تَدُلُّ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: زَيْدٌ قَائِمٌ وَمَا أَشْبَهَهُ.

وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْخَبَرِ، هَلْ يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ؟ فَاخْتَارَ السَّكَّاكِيُّ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ التَّعْرِيفِ، وَكَذَا الْإِمَامُ الرَّازِيَّ. قَالَ:؛ لِأَنَّ تَصَوُّرَهُ ضَرُورِيٌّ، إذْ تَصَوُّرُنَا مَوْجُودٌ ضَرُورِيٌّ، وَهُوَ خَبَرٌ خَاصٌّ، وَالْعَامُّ جُزْؤُهُ، فَتَصَوُّرُهُ تَابِعٌ لِتَصَوُّرِ الْكُلِّ، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُفَرِّقُ بِالضَّرُورَةِ بَيْنَ مَعْنَى الْخَبَرِ وَغَيْرِهِ، وَالضَّرُورِيُّ لَا يُحَدُّ فَكَذَا الْخَبَرُ قَالَ الْآمِدِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، إذْ الضَّرُورِيُّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ، كَمَا فُعِلَ. سَلَّمْنَاهُ، لَكِنَّ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ نِسْبَةٌ خَاصَّةٌ، لَا بِالْخَبَرِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ خَبَرًا، وَقَوْلُهُمْ: الْعَامُّ هُوَ جُزْءُ الْخَاصِّ، قُلْنَا يَلْزَمُ انْحِصَارُ الْأَعَمِّ فِي الْأَخَصِّ، وَهُوَ مُحَالٌ. ثُمَّ هُوَ مَنْقُوضٌ بِالْعَرَضِ الْعَامِّ، كَالْأَسْوَدِ، وَلَيْسَ السَّوَادُ جُزْءًا مِنْ مَعْنَى الْإِنْسَانِ. وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ انْتِقَاضُهُ بِالْحَدِّ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ إنَّهُ الَّذِي يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ أَوْ الْكَذِبَ لِذَاتِهِ، أَيْ الصَّالِحَ؛ لَأَنْ يُجَابَ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ: بِصِدْقٍ، أَوْ كَذَبَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>