وَالْكَفَّارِ وَالْعُدُولِ وَالْفُسَّاقِ، وَالْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ، وَالْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، إذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ شَرْطَ التَّوَاتُرِ فِي الْكُفَّارِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مُسْلِمُونَ لِلْعِصْمَةِ، وَعِنْدَنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا غَلِطَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ، فَنَقَلَتْ مَا طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ إلَى مَا طَرِيقُهُ الْخَبَرُ، وَصَرَّحَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا رَدَدْنَا خَبَرَ النَّصَارَى بِقَتْلِ عِيسَى؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ؛ لِأَنَّهُمْ بَلَّغُوهُ عَنْ خَبَرِ: وَلَوْ مَا. وَمَارِقِينَ، ثُمَّ تَوَاتَرَ الْخَبَرُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ. قَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ نَقَلَتُهُ مُؤْمِنِينَ أَوْ عُدُولًا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِجْمَاعِ حَيْثُ اشْتَرَطَ الْإِيمَانَ وَالْعَدَالَةَ فِيهِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَاعْتُبِرَ فِي أَهْلِهِ كَوْنَهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ، وَقَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ: لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي بَابِ السَّلَمِ مِنْ الشَّامِلِ ". فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ ": وَلَوْ وَقَّتَ بِفَصْحِ النَّصَارَى لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَامًا فِي شَهْرٍ وَعَامًا فِي غَيْرِهِ، عَلَى حِسَابٍ يَنْسَئُونَ فِيهِ أَيَّامًا، فَلَوْ اخْتَرْنَاهُ كُنَّا قَدْ عَمِلْنَا فِي ذَلِكَ بِشَهَادَةِ النَّصَارَى، وَهَذَا غَيْرُ حَلَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هَذَا مَا لَمْ يَبْلُغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ، فَإِنْ بَلَغُوهُ بِحَيْثُ يَسْتَحِيلُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي لِحُصُولِ الْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى فِيهِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ لِجَوَازِ التَّوَاطُؤِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ. حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي التَّبْصِرَةِ "، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ بَيْنَ مَا طَرِيقُهُ الدَّيَّانَاتُ فَلَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِيهِ، وَمَا طَرِيقُهُ الْأَقَالِيمُ وَشَبَهُهَا فَهَلْ لَهُمْ مَدْخَلٌ بِالتَّوَاتُرِ فِيهِ؟ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ. وَقَدْ سَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute