دُثُورِهَا عَلَى قُرْبِ الْعَهْدِ بِالرَّسُولِ. وَأَمَّا انْشِقَاقُ الْقَمَرِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَاتَرْ، وَهُوَ لَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْحَلِيمِيِّ.
هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْغَزَالِيُّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا لَمْ يَتَوَاتَرْ؛ لِأَنَّهُ آيَةٌ لَيْلِيَّةٌ، تَكُونُ وَالنَّاسُ نِيَامٌ غَافِلُونَ، وَإِنَّمَا يَرَى ذَلِكَ مَنْ نَاظَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قُرَيْشٍ، وَصَرَفَ هِمَّتَهُ إلَى النَّظَرِ فِيهِ، وَإِنَّمَا انْشَقَّ مِنْهُ شُعْبَةٌ فِي مِثْلِ طَرَفِ الْقَمَرِ، ثُمَّ رَجَعَ صَحِيحًا، وَكَمْ مِنْ انْقِضَاضٍ وَرِيَاحٍ تَحْدُثُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يَشْعُرُ بِهَا أَحَدٌ، فَلِهَذَا لَمْ يُنْقَلْ ظَاهِرًا، وَإِنَّمَا يَسْتَدِلُّ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى انْشِقَاقِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِخْبَارَ عَنْ اقْتِرَابِ انْشِقَاقِهِ، لَوَجَبَ أَنْ يَقُولَ: وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ، وَلَوَجَبَ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ الرَّسُولُ أَنَّ مِنْ الْآيَاتِ الْمُسْتَقْبَلَةِ انْشِقَاقَهُ. اهـ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ وَقَدْ رَوَاهُ خَلْقٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَعَنْهُمْ خَلْقٌ كَمَا أَوْضَحْته فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْمُخْتَصَرِ ". وَمِنْهَا: أَنَّ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ الِاهْتِمَامَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ بَذَلُوا أَرْوَاحَهُمْ فِي إحْيَاءِ مَعَالِمِ الدِّينِ يَمْنَعُ تَقَدُّرَ دَرْسِهِ، وَارْتِبَاطَ مَسَائِلِهِ بِلَا حَاجَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ اخْتَلَفُوا فِي الْبَسْمَلَةِ أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ أَمْ لَا؟ قِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ دُرُوسُ رَسْمِهَا وَنَظْمِهَا، فَلَمْ يَكُنْ؛ لِنَقْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute