للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّبِيُّ أَوْلَى بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْفَاسِقَ لَا يَخْلُو عَنْ خِيفَةٍ يَسْتَوْحِشُهَا، وَالصَّبِيُّ يُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ، وَقِيلَ: بَلْ ذَلِكَ مُتَلَقًّى مِنْ الْإِجْمَاعِ. قَالَ: وَهَذَا أَسَدُّ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُرَاجِعُوا صَبِيًّا قَطُّ، وَلَمْ يَسْتَخْبِرُوهُ، وَقَدْ رَاجَعُوا النِّسَاءَ وَرَاءَ الْخُدُورِ، وَكَانَ فِي الصِّبْيَانِ مَنْ يَلِجُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالٍ لَهُ بِحَيْثُ لَوْ نَقَلَهَا لَمْ يَخْلُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ مِنْ فَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يُرَاجَعُوا قَطُّ. اهـ.

وَجَعَلَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمُرَاهِقِ الْمُتَثَبِّتِ فِي كَلَامِهِ، قَالَ: أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا، كَالْبَالِغِ الْفَاسِقِ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْوَاضِحِ " قَوْلًا ثَالِثًا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُرَاهِقِ وَمَنْ دُونَهُ وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ اخْتَلَفُوا، هَلْ ذَلِكَ مَظْنُونٌ أَوْ مَقْطُوعٌ بِهِ؟ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مَظْنُونٌ. هَذَا كُلُّهُ إذَا أَدَّى فِي حَالِ صِبَاهُ، فَإِنْ تَحَمَّلَ فِي صِبَاهُ، ثُمَّ أَدَّاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَقَوْلَانِ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ " وَمُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ "، وَأَصَحُّهُمَا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُعَاذِ بْنِ بَشِيرٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ مَا تَحَمَّلُوهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ، وَقَدْ رَوَى مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدِيثَ الْمَجَّةِ الَّتِي مَجَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، وَاعْتَمَدَ الْعُلَمَاءُ رِوَايَتَهُ ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَجَعَلُوهُ أَصْلًا فِي سَمَاعِ الصَّغِيرِ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى إحْضَارِ الصِّبْيَانِ مَجَالِسَ الرِّوَايَاتِ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَلَوْ قِيلَ: هَذَا لِقَبُولِ الْأُمَّةِ رِوَايَاتِ مَنْ سَبَقَ كَانَ عِنْدِي أَوْلَى؛ لِتَوَقُّفِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْأَصَاغِرَ رَوَوْا لِلْأَكَابِرِ مَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>