فَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ: فَلَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ أَئِمَّتِنَا خِلَافٌ فِي أَنَّ الصَّدُوقَ التَّقِيَّ إذَا كَانَ فِيهِ بِدْعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْعُو إلَيْهَا، أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِأَخْبَارِهِ جَائِزٌ، فَإِذَا دَعَا إلَى بِدْعَتِهِ سَقَطَ. الِاحْتِجَاجُ بِأَخْبَارِهِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: جَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ هَذَا الْمَذْهَبَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَهُ. نَعَمْ، فِي هَذَا الْمَذْهَبِ وَجْهٌ أَنَّهُ إذَا رَوَى الْمُبْتَدِعُ الدَّاعِيَةُ مَا يُقَوِّي بِهِ حُجَّتَهُ عَلَى خَصْمِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ. قَالَ: نَعَمْ، الَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّ الدَّاعِيَةَ إذَا رَوَى، فَإِمَّا أَنْ يَرْوِيَ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَهُ أَوْ مَا يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ رُوِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُ هَاهُنَا فِي مَرْتَبَةِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ، لَا؛ لِأَنَّ رِوَايَتَهُ بَاطِلَةٌ، بَلْ لِإِهَانَتِهِ وَعَدَمِ تَعْظِيمِهِ. اهـ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ غَرِيبٌ.
وَمَا حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ ابْنَ الْقَطَّانِ الْمُحَدِّثَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَهْمِ وَالْإِيهَامِ ": الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الدَّاعِيَةِ، أَمَّا الدَّاعِيَةُ فَهُوَ سَاقِطٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. وَفَعَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، فَقَالَ: إنْ ضَمَّ إلَى بِدْعَتِهِ افْتِعَالَهُ الْحَدِيثَ، وَتَحْرِيفَ الرِّوَايَةِ؛ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَا وَقْعَ لَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَتْرُوكٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ بِدْعَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute