للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الْقَوْلَ بِقَبُولِ رِوَايَاتِهِمْ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ: الْفُسَّاقُ بِسَبَبِ الْعَقِيدَةِ كَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ اُخْتُلِفَ فِي قَبُولِ رِوَايَتِهِمْ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ رِوَايَاتِهِمْ مَقْبُولَةٌ، فَإِنَّ الْعَقَائِدَ الَّتِي تَحَلَّوْا بِهَا لَا تُهَوِّنُ عَلَيْهِمْ افْتِعَالَ الْأَحَادِيثِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْأَصْلُ الثِّقَةُ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْمُتَأَوِّلِ وَالْمُحِقِّ سَوَاءٌ.

نَعَمْ الشَّافِعِيُّ لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ مَعَ أَنَّهُ عَدْلٌ فِي دِينِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّهَادَةَ تَسْتَدْعِي رُتْبَةً وَوَقَارًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّهَا إثْبَاتُ الشَّرْعِ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، فَاسْتَدْعَتْ مَزِيدَ مَنْصِبٍ. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ دَاعِيًا إلَى بِدْعَتِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ، وَبِهِ جَزَمَ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ "، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " عَنْ مَالِكٍ؛ لِقَوْلِهِ: لَا تَأْخُذُ الْحَدِيثَ عَنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو إلَى هَوَاهُ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْعُ يُقْبَلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: يَدْعُو لِبَيَانِ سَبَبِ تُهْمَتِهِ، أَيْ لَا تَأْخُذُ عَنْ مُبْتَدِعٍ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ يَدْعُو إلَى هَوَاهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ. اهـ. قَالَ الْخَطِيبُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَنَسَبَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِلْأَكْثَرِينَ، قَالَ: وَهُوَ أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ، وَأَوْلَاهَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ كَثِيرٌ مِنْ أَحَادِيثِ الْمُبْتَدِعَةِ غَيْرِ الدُّعَاةِ احْتِجَاجًا وَاسْتِشْهَادًا، كَعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، وَدَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ " الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>