وَالْأَمْوَالَ لِتَوَقِّيهِمْ الْكَذِبَ وَاعْتِقَادِهِمْ كُفْرَ فَاعِلِهِ، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: أَقْبَلُ شَهَادَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةَ، فَإِنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِالْكَذِبِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إذَا كُنَّا نَقْبَلُ رِوَايَةَ أَهْلِ الْعَدْلِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ كَذَبَ فَسَقَ، فَلَأَنْ نَقْبَلَ رِوَايَةَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مَنْ كَذَبَ كَفَرَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. قَالَ: وَتَحْقِيقُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا رَوَوْا فِي كُتُبِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ حَتَّى قِيلَ: لَوْ حُذِفَتْ رِوَايَاتُهُمْ لَابْيَضَّتْ الْكُتُبُ. اهـ.
وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّيْخُ الْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ " عَلَى كَوْنِ الْخَطَّابِيَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، بِأَنَّ الْمَحْكِيَّ فِي كُتُبِ الْمَقَالَاتِ مَا يُوجِبُ تَكْفِيرَهُمْ قَطْعًا. قَالَ: فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلِ مَا نَحْنُ فِيهِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مُنْقَطِعًا. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّا لَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إلَّا بِإِنْكَارِ مُتَوَاتِرٍ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ، وَإِذَا لَمْ نُكَفِّرْهُ وَانْضَمَّ إلَيْهِ التَّقْوَى الْمَانِعَةُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَالْمُوجِبُ لِلْقَبُولِ مَوْجُودٌ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ مَعَ الْعَدَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِظَنِّ الصِّدْقِ، وَالْمَانِعُ الْمُتَخَيَّلُ لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ الْمُوجِبَ، بَلْ قَدْ يُقَوِّيهِ كَمَا فِي الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ، وَالْوَعِيدِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْخُلُودَ بِالذَّنْبِ، وَإِذَا وُجِدَ الْمُقْتَضَى وَزَالَ الْمَانِعُ، وَجَبَ الْقَبُولُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute