وَهُوَ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ، كَفَّرْت عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الَّتِي دُونَ الْكُفْرِ، إنْ شِئْت. ثُمَّ حَكَى انْقِسَامَ الذُّنُوبِ إلَى صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَلَّطَهُمْ، وَلَعَلَّ أَصْحَابَ هَذَا الْوَجْهِ كَرِهُوا تَسْمِيَةَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ صَغِيرَةً؛ إجْلَالًا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ، مَعَ أَنَّهُمْ وَافَقُوا فِي الْجَرْحِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِمُطْلَقِ الْمَعْصِيَةِ.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ الْحَلِيمِيِّ: إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَغِيرَةٍ، وَكَبِيرَةٍ وَفَاحِشَةٍ، فَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَبِيرَةٌ، فَإِذَا قَتَلَ ذَا رَحِمٍ فَفَاحِشَةٌ، فَأَمَّا الْخَدْشَةُ وَالضَّرْبَةُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَصَغِيرَةٌ. وَجَعَلَ سَائِرَ الذُّنُوبِ هَكَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، فَإِنَّ رُتْبَةَ الْكَبَائِرِ تَتَفَاوَتُ قَطْعًا.
[تَعْرِيفُ الْكَبِيرَةِ] الثَّانِي: إذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْكَبِيرَةِ، هَلْ تُعَرَّفُ بِالْحَدِّ أَوْ بِالْعَدِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَاخْتَلَفُوا عَلَى أَوْجُهٍ. قِيلَ: الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ، وَقِيلَ: مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: مَا تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ. قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَقِيلَ: مَا نَصَّ الْكِتَابُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، أَوْ وَجَبَ فِي جِنْسِهِ حَدٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ قَائِلٍ ذَكَرَ بَعْضَ أَفْرَادِهَا، وَيَجْمَعُ الْكَبَائِرَ جَمِيعُ ذَلِكَ. وَالْقَائِلُونَ بِالْعَدِّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا هَلْ تَنْحَصِرُ؟ فَقِيلَ: تَنْحَصِرُ، وَاخْتَلَفُوا فَقِيلَ: مُعَيَّنَةٌ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي " الْبَسِيطِ ": الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَبَائِرِ حَدٌّ يَعْرِفُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute